للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فحصل فيها بعضُ التفاوتِ في الألْفاظ. وهكذا ما أخرجه المؤلفون في تصانيفهم المستقلة: كالسُّنَنِ الكبير للبيهقي، وشرح السنة لأبي محمد البغوي، وغيرهما، مما قالوا فيه: " أخرجه البخاري أو مسلم " فلا يستفاد بذلك أكثر من أن البخاري أو مسلما أخرج أصلَ ذلك الحديث، مع احتمال ِ أن يكون بينهما تفاوتٌ في اللفظ. وربما كان تفاوتًا في بعض ِ المعنى، فقد وجدتُ في ذلك ما فيه بعضُ التفاوت من حيث المعنى.

وإذا كان الأمرُ في ذلك على هذا؛ فليس لك أن تنقلَ حديثًا منهما وتقول: " هو على الوجه في كتابِ البخاري أو كتابِ مسلم " إلا أن تقابلَ لفظَه، أو يكونَ الذي خرَّجه قد قال: " أخرجه البخاري بهذا اللفظ " بخلافِ الكتب المختصرة مِن (الصحيحين) فإن مصنفيها نقلوا فيها ألفاظَ الصحيحين أو أحدِهما. غير أن (الجمع بين الصحيحين، للحميدي الأندلسي) منها، يشتمل على زيادةِ تتماتٍ لبعض الحديثِ، كما قدمناه ذكره، فربما نَقلَ من لا يميز بعضَ ما يجدُه فيه، عن الصحيحين أو أحدِهما، وهو مخطئ لكونِه من تلك الزيادات التي لا وجودَ لها في واحدٍ من الصحيحين (١).

ثم إن التخاريجَ المذكورةَ على الكتابين يُستفاد منها فائدتان: (٢)

إحداهما: عُلوُّ الإِسناد.

والثانيةُ: الزيادةُ في قدر الصحيح لما يقع فيها من ألفاظٍ زائدة وتتماتٍ في بعض ِ الأحاديث تثبت صحتُها بهذه التخاريج، لأنها واردةٌ بالأسانيد الثابتة في الصحيحين


(١) نبه الصنعاني، في (التوضيح) على أن أبا عبدالله الحميدي في كتابه بيّن اصطلاحه في هذه الزيادات، ووجه زيادتها. وأن الحافظ ابن حجر حققها فوجدها على ما بيَّن في مصطلحه (توضيح التنقيح ١/ ٧٩).
(٢) على هامش (غ): [قال الشيخ محيي الدين: فائدة ثالثة، وهي زيادة قوة الحديث]. وبمزيد تفصيل على هامش (ز): [وذكر النووي في شرح مسلم: يستفاد ثلاث فوائد: علو الإِسناد، وزيادة قوة الحديث بكثرة طرقه، وزيادة ألفاظ صحيحة مفيدة. قال: ثم إنهم لم يلتزموا موافقة اللفظ، لكونهم يروونها بأسانيد أخرى فيقع في بعضها تفاوت، والله أعلم]. مقدمة النووي لشرح مسلم ١/ ٢٦.
وقال العراقي: " ولو قال إن هاتين الفائدتين من فائدة المستخرجات، كان أحسن. فإن فيها غير هاتين الفائدتين، فمن ذلك تكثير طرق الحديث ليرجح بها عند التعارض " التقييد: ٣٢ والتبصرة ١/ ٦٠.
وأضاف الصنعاني سبع فوائد للمستخرجات " لم يتعرض أحد لذكرها " فبلغ بها عشر فوائد (توضيح التنقيح ١/ ٧٤).
ثم قال: " وليست الزيادات على ما في الصحيحين، كهما " (١/ ٧٧).

<<  <   >  >>