للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذه جملةٌ تفاصيلُها تُدرَك بالمباشرة والبحثِ، فاعلم ذلك فإنه من النفائس العزيزة، والله أعلم (١).

الثالث: إذا كان راوي الحديث متأخرًا عن درجة أهل الحفظ والإِتقان، غير أنه من المشهورين بالصدقِ والسَّتْر، ورُوِيَ مع ذلك حديثُه من غيرِ وجه، فقد اجتمعت له القوةُ من الجهتين، وذلك يرقى حديثه من درجةِ الحسَنِ إلى درجة الصحيح.

مثالُه: حديثُ محمد بن عمرو، عن أبي سلمةَ عن أبي هريرةَ أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " لولا أن أشُقَّ على أمتي لأمرتُهم بالسوَاكِ عند كلِّ صلاةٍ (٢) ". فمحمد بن عمرو بن علقمة من المشهورين بالصدق والصيانة، لكنه لم يكن من أهل ِ الإِتقان، حتى ضعَّفه بعضُهم من جهة سوء حفظه، ووثَّقَه بعضهم لصدقِه وجلالتِه، فحديثُه من هذه الجهة حَسَنٌ، فلما انضم إلى ذلك كونه رُوِيَ من أوجُهٍ أُخَرَ، زال بذلك ما كنا نخشاه عليه من جهةِ سوءِ حفظه، وانجبر به ذلك النقصُ اليسيرُ، فصحَّ هذا الإِسنادُ والتحق بدرجةِ الصحيح، والله أعلم.

الرابع: " كتابُ أبي عيسى الترمذي " - رحمه الله - أصلٌ في معرفة الحديث الحسن، وهو الذي نَوَّه باسمِه وأكثَر من ذكره في (جامعِه) ويوجدُ في متفرقات من كلام بعض ِ مشايخِهِ والطبقةِ التي قبله كأحمد بن حنبل ٍ والبخاري وغيرهما *.


(١) على هامش (غ) بخط الفاسي: بلغ السماع بقرءاتي عليه في المجلس السابع.
(٢) رواية محمد بن عمرو بن علقمة، بن أبي وقاص الليثي، عن أبي سلمة بن عبدالرحمن بن عوف الزهري، عن أبي هريرة: في جامع الترمذي، ك الطهارة، باب ما جاء في السواك. وانظر الأقوال في محمد بن عمرو، بالجرح والتعديل (٨/ ٣٠ ت ١٣٨) وتهذيب التهذيب (٩/ ٣٧٥ ت ٦١٧) وحديث السواك، رواه مالك في الموطأ (طهارة، ما جاء في السواك ح ١١٥) من حديث الزهري عن حميد بن عبدالرحمن بن عوف عن أبي هريرة. (مع التمهيد ٧/ ١٩٤) والبخاري في كتاب الجمعة، باب السواك يوم الجمعة، من حديث مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة مرفوعًا. (مع فتح الباري ٢/ ٢٥٥)، وأخرجه مسلم في باب السواك من كتاب الطهارة، من حديث سفيان عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة (ح ٤٢/ ٢٥٢).

<<  <   >  >>