للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

.............................................................................................................................


= وقد يمكن فيه أن يكون لم يسمعه؟ فقلت له: المسلمون العدول عدول أصحاء الأمر في أنفسهم، وحالهم في أنفسهم غيرُ حالهم في غيرهم، ألا ترى أني إذا عرفتهم بالعدل في أنفسهم قبلت شهادتهم، وإذا شهدوا على شهادة غيرهم لم أقبل شهادةَ غيرهم حتى أعرف حاله؟ ولم تكن معرفتي عدلهم، معرفتي عدلَ من شهدوا على شهادته. وقولهم عن خبر أنفسهم وتسميتهم على الصحة، حتى يستدل من فعلهم بما يخالف ذلك، فيحترس منهم في الموضع الذي خالف فعلهم فيه ما يجب عليهم. ولم يُعْرَف بالتدليس ببلدتنا فيمن مضى ولا من أدركنا من أصحابنا، إلا حديثًا. فإن منهم من قَبِلَه عمن لو تركه عليه كان خيرًا له. وكان قول الرجل: " سمعت فلانًا يقول: سمعت فلانًا " وقوله: " حدثني فلان عن فلان " سواءٌ عندهم، لا يُحدث أحد منهم عمن لقي إلا ما سمع منه. فمن عرفناه بهذه الطريق قبلنا منه: " حدثني فلان عن فلان ". ومن عرفناه دلس مرةً فقد أبان لنا عورتَه في روايته، وليست تلك العورة بكذبٍ فيُرَدَّ بها حديثُه، ولا النصيحةَ في الصدق فنقبل منه ما قبلناه من أهل النصيحة في الصدق. فقلنا: لا نقبل من مدلِّس ٍ حديثًا حتى يقول فيه: حدثني، أو سمعت (١).

وهذا الكلام من الإِمام الشافعي - رضي الله عنه - يدل على أن مذهبه في العنعنة ثبوتُ اللقاء مع البراءة من التدليس، وفي (كفاية الخطيب): " أهل العلم بالحديث مجمعون على أن قول المحدث: حدثنا فلان عن فلان؛ صحيح معمول به إذا كان شيخه الذي ذكره يُعرَف أنه قد أدرك الذي قد حدث عنه ولقيه وسمع منه، ولم يكن هذا المحدث ممن يُدلِّس، ولا يستجيز الإسقاطَ للعُلو. " (٢) وما ذكره " الخطيب " ينطبق على مذهب الشافعي وابن المديني والتزام البخاري. وقال " الحاكم ": " الأحاديث المعنعنة وليس فيها تدليس: متصلة بإِجماع أهل النقل على تورع رواتها عن أنواع التدليس " (٣) هذا ليس فيه تعرض، لا للقاءٍ ولا لمعاصرة. انتهى " ٢٢ / و، ظ.

<<  <   >  >>