للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فهذا الذي ذكرناه وغيره من مذاهب أئمةِ الحديث، يبين لك أنه ليس الأمر في ذلك على الإطلاق الذي أتى به " الخليلي، والحاكم " بل الأمر في ذلك على تفصيل نبيِّنه فنقول: إذا انفرد الراوي بشيء نُظِرَ فيه؛ فإن كان ما انفرد به مخالفًا لما رواه مَنْ هو أولى منه بالحفظ لذلك وأضبطُ، كان ما انفرد به شاذًّا مردودًا. وإن لم يكن فيه مخالفة لما رواه غيره، وإنما هو أمر رواه هو ولم يروه غيره، فَيُنْظَر في هذا الراوي المنفرد: فإن كان عدلا حافظًا موثوقًا بإتقانه وضبطِه؛ قُبِلَ ما انفرد به ولم يقدح الانفراد فيه، كما فيما سبق من الأمثلة؛ وإن لم يكن ممن يوثَق وإتقانه لذلك الذي انفرد به؛ كان انفراده به خارِمًا له مُزَحزِحًا له عن حيِّز الصحيح.

ثم هو بعد ذلك دائر بين مراتبَ متفاوتةٍ بحسب الحال فيه؛ فإن كان المنفرد به غير بعيد من درجة الحافظ الضابط المقبول تفردُه، استحسنَّا حديثه ذلك، ولم نحطّه إلى قبيل الحديث الضعيف. وإن كان بعيدًا من ذلك، رددنا ما انفرد به وكان من قبيل ِ الشاذ المنكر.

فخرج من ذلك أن الشاذَ المردودَ قسمان:

أحدهما: الحديث الفرد المخالِف.

والثاني: الفرد الذي ليس في رواية من الثقة والضبط ما يقع جابرًا لما يوجبه التفرد والشذوذُ من النكارة والضعف. والله أعلم (١).


(١) على هامش (ص) بلاغ القراءة والسماع، على العراقي.

<<  <   >  >>