وهذه الحكاية التي ذكرها " الحاكم " تدل على أن الجهابذة النقادَ يميزون بين صحيح الحديث وسقيمه ومعوجِّه، كما يميز الصيرفي بين الجيد والرديء. وكم من شخص لذلك لا يهتدي. وجعل " الحاكمُ " أجناسَ العلل عشرةً، وطَوّلها فنَذكرها مختصرةً: أولها: أن يكون السند ظاهرُه الصحة، وفيه من لا يُعرَف بالسماع ممن رَوى عنه. ومثلَّه بما أسنده عن موسى بن عقبة، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " من جلس مجلسًا كثُر فيه لغطُه، فقال قبل أن يقوم: سبحانك اللهم وبحمدك لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك؛ إلا غُفِرَ له ما كان في مجلسه ذلك " ثم أسند إلى " مسلم " أنه جاء إلى " البخاري " فقبل بين عينيه وقال: دعني حتى أُقبِّلَ رجليك يا أستاذ الأستاذين، وسيد المحدثين، وطبيب الحديث في علله، حدثك محمدُ بن سلام قال حدثنا مخلد بن يزيد الحراني، قال حدثنا ابن جريج عن موسى بن عقبة عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكر الحديث، ما علتُه؟ قال " البخاري ": هذا حديث مليح ولا أعلم في الدنيا في هذا الباب غير هذا الحديث، إلا أنه معلول؛ حدثنا به موسى بن إسماعيل، قال حدثنا وهيب، ثنا سهيل، عن عون بن عبدالله، قوله .. " قال محمد بن إسماعيل: هذا أولى؛ لا يذكر لموسى بن عقبة سماعٌ من " سهيل " (١). انتهى كلام " الحاكم " وهذه الطريقة التي ذكرها مسلم للبخاري معروفة. ورواه " الطبراني " في (معجمه الأوسط) عن حجاج بن محمد، عن سفيان عن ابن جريج، فقال: ثنا محمد بن جعفر بن أعين، ثنا يحيى بن المبارك الكوفي، ثنا حجاج بن محمد، عن سفيان عن ابن جريج، أخبرني موسى بن عقبة، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - " فذكر الحديثَ وفي آخره: " كان كفَّارةً لما كان في ذلك المجلس " بدل =