للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال الشيخ - أبقاه الله -: الفرقُ بينهما صار هو الشائع الغالب على أهل ِ الحديث، والاحتجاجُ لذلك من حيث اللغةُ عناءٌ وتكلف. وخيرُ ما يقال فيه أن اصطلاحٌ منهم؛ أرادوا به التمييزَ بين النوعين، ثم خُصِّص النوعُ الأول بقول ِ: " حدثنا " لقوةِ إشعارِه بالنطقِ والمشافهة (١).

ومن أحسن ما يُحكَى عمن يذهبُ هذا المذهبَ، ما حكاه " الحافظُ أبو بكر البرقاني " عن أبي حاتم محمد بن يعقوب الهَروي، أحدِ رؤساء أهل ِ الحديث بخراسان، أنه قرأ على بعض ِ الشيوخ عن " الفَرَبْري " (صحيحَ البخاري) [٣٨ / و] وكان يقول له في كل حديث: " حدَّثكم الفَرَبْري " فلما فرغ من الكتاب، سمع الشيخَ يذكر أنه سمع الكتابَ من " الفربري " قراءةً عليه، فأعاد " أبو حاتم " قراءةَ الكتابِ كلِّه، وقال له في جميعِهِ: " أخبركم الفربري " (٢) *. والله أعلم.


(١) طرة على هامش (غ):
[من المتأخرين من يتسامح ويقول: سمعت فلانًا يقول، فيما قرئ عليه أو سمعه من القارئ عليه. وهذا تسامح خارج عن الوضع، ليس له وجه إلا أن يكون يتغير اصطلاح، وهو أن يقع الاصطلاح عامًّا. فقد يقرب الأمر فيه، وإن وضعه هذا الراوي بنفسه فلا أرى ذلك جائزًا. وربما قربه بعضهم بأن يقول: سمعت فلانًا قراءة عليه، وفلانًا ... بسماعه من لفظه. نعم. وقع الاصطلاح العام من أرباب التواريخ أن يقولوا عمن يترجمون باسمه: سمع فلانًا وفلانًا. ولا يريدون بذلك السماع من لفظه، بل ما هو أعم من ذلك.].

<<  <   >  >>