خالد الدمشقي "، وفي وقتِه ذلك جماعةٌ مشتركون في هذا الاسم والنسبِ، ثم لا يعين المجازَ له منهم. أو يقول: " أجزتُ لفلانٍ أن يرويَ عني كتابَ السُّنَنِ " وهو يروي جماعةً من كتبِ السننِ المعروفةِ بذلك، لا يُعَيِّنُ. فهذه إجازةٌ فاسدةٌ لا فائدةَ لها. وليس من هذا القبيل ِ ما إذا أجاز لجماعةٍ مُسمَّين معيَّنين بأنسابِهم، والمجيزُ جاهلٌ بأعيانِهم غيرُ عارفٍ بهم، فهذا غيرُ قادح ٍ. كما لا يقدحُ عدمُ معرفتِه به إذا حضر شخصُه في السماع منه. والله أعلم.
وإن أجاز للمسمَّين المنتسبين في الاستجازة، ولم يَعرفهم بأعيانهم ولا بأنسابهم، ولم يعرف عدَدَهم ولم يتصفح أسماءهم واحدًا فواحدًا، فينبغي أن يَصِحَّ ذلك أيضًا، كما يصحُّ سماعُ مَن حضر مجلسَه للسماع ِ منه، وإن لم يعرفْهم أصلا ولم يعرف عددَهم، ولا تصفَّح أشخاصَهم واحدًا واحداً.
وإذا قال: " أجزتُ لمن يشاء فلانٌ " أو نحو ذلك، فهذا فيه جهالةٌ وتعليقٌ بشرطٍ، فالظاهرُ أنه لا يصح. وبذلك أفتى " القاضي أبو الطيب الطبري الشافعي " إذ سأله " الخطيبُ الحافظ " عن ذلك، وعلَّل بأنه إجازةٌ لمجهول، فهو كقولِه: " أجزتُ لبعض ِ الناس " من غير تعيينٍ. وقد يُعلِّل ذلك أيضًا بما فيها من التعليق بالشرطِ، فإن ما يُفَسَّر بالجهالة يُفَسَّر بالتعليق، [٤٣ / و] على ما عُرِفَ عند قوم. وحكى " الخطيبُ " عن أبي يعلى ابن الفراء الحنبلي، وأبي الفضل بن عمروس المالكي: أنهما أجازا ذلك. وهؤلاء الثلاثةُ، كانوا مشايخَ مذاهبِهم ببغداد إذ ذاك. وهذه الجهالةُ ترتفع في ثاني الحال ِ عند وجودِ المشيئة، بخلافِ الجهالة الواقعة فيما إذا أجاز لبعض ِ الناس. وإذا قال: " أجزتُ لم نشاء " فهو كما لو قال: " أجزتُ لمن شاء فلانٌ ". والله أعلم. بلة هذه أكثرُ جهالةً وانتشارًا، من حيث إنها معلقةٌ بمشيئةِ مَنْ لا يُحصَرُ عددُهم، بخلافِ تلك.
ثم هذا فيما إذا أجاز لمن شاء الإجازةَ منه له. فإن أجاز لمن شاء الروايةَ عنه فهذا أوْلَى بالجواز، من حيث أن مقتضى كلِّ إجازةٍ تفويضُ الرواية بها إلى مشيئةِ المُجازِ له. فكان هذا، مع كونه بصيغةِ التعليق، تصريحًا بما يقتضيه الإطلاقُ وحكايةً للحَال ِ، لا تعليقًا في الحقيقة. ولهذا أجاز بعضُ أئمة الشافعيينَ في البيع أن يقول: " بعتُكَ هذا بكذا إن