للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تدليسٌ قبيحٌ إذا كان بحيث يوهِمُ سماعَه منه، على ما سبق في نوع ِ التدليس. وجازف بعضُهم فأطلق فيه: " حدثنا، وأخبرنا " وانتُقِدَ ذلك على فاعلِه.

وإذا وجَد حديثًا في تأليفِ شخص ٍ وليس بخطِّه؛ فله أن يقول: " ذَكر فلانٌ، أو: قال فلانٌ أخبرنا فلان، أو: ذكر فلان عن فلان " وهذا منقطعٌ لم يأخذْ شوبًا من الاتصال *.

وهذا كلُّه إذا وَثِقَ بأنه خطُّ المذكورِ أو كتابُه، فإن لم يكن كذلك فليقلْ: " بلغني عن فلان، أو: وجدت عن فلان " أو نحو ذلك من العبارات، أو ليُفصِحْ بالمستنَدِ فيه، بأن يقولَ ما قاله بعضُ من تقدَّمَ: قرأتُ في كتابِ فلانٍ بخطِّه، وأخبرني فلانٌ أنه بخطِّه، أو يقول: وجدتُ في كتابٍ ظننتُ أنه بخطِّ فلان، أو: في كتابٍ ذكر كاتبُه أنه فلانُ بنُ فلانٍ، أو: في كتاب قيل إنه بخطِّ فلان (١).

وإذا أراد أن ينقلَ من كتاب منسوب إلى مصنِّف فلا يقلْ: " قال فلانٌ كذا وكذا " إلا إذا وثِقَ بصحةِ النسخة بأن قابلها، هو أو ثقةٌ أو غيره، بأصول ٍ متعددة كما نَبَّهْنا عليه في آخرِ النوع الأول، وإذا لم يوجَد ذلك ونحوُه [٥٠ / ظ] فليقلْ: " بلغني عن فلانٍ أنه ذَكر كذا وكذا، أو: وجدت في نسخةٍ من الكتاب الفلاني " وما أشبه هذا من العبارات.

وقد تسامح أكثرُ الناس ِ في هذه الأزمانِ بإطلاقِ اللفظِ الجازم في ذلك من غير تَحَرٍّ وتَثَبُّتٍ؛ فيطالع أحدُهم كتابًا منسوبًا إلى مصنِّفٍ مُعَيَّنٍ، وينقلُ منه عنه من غير أن يثق بصحةِ النسخةِ، قائلا: " قال فلانٌ كذا وكذا، أو: ذكر فلانٌ كذا وكذا " والصوابُ ما قدمناه.

فإن كان المطالعُ عالِمًا فَطِنا، بحيث لا يخفى عليه في الغالبِ مواضعُ الإِسقاطِ والسقَطِ


(١) انظر في المحدث الفاصل (باب من قال: وجدت في كتاب فلان، ومن قال: قرأت في كتاب فلان بخطه عن فلان، وأخبرني فلان أنه خط فلان) ٤٩٧ - ٥٠٠ ف ٦١٥ - ٦١٧، ومعه التبصرة ٢/ ١١١ وفتح المغيث ٢/ ١٣٥ ف ٦١٥ - ٦١٧.

<<  <   >  >>