للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والأصحُّ جوازُ ذلك في الجميع إذا كان عالمًا بما وصفناه، قاطعًا بأنه أدَّى معنى اللفظ الذي بلغه؛ لأن ذلك هو الذي تشهد به أحوالُ الصحابة والسلف الأولين وكثيرًا ما كانوا ينقلون معنى واحدًا في أمرٍ واحد بألفاظٍ مختلفة، (١) وما ذلك إلا لأن مُعَوَّلَهم كان على المعنى دون اللفظ *.


= وصلوا إليه تبعوا لفظه من غير تغيير. وهذا فيه بحثان: أحدهما: أنه ينبغي أن يحفظ فيه شروط الرواية بالمعنى؛ فقد رأينا من يعبر في هذه الرواية بعبارات لعل المروي عنه لو أراد التعبير عنه لم يستجز ذلك أو لم يستحسنه، فهذا خارج عن الرواية بالمعنى، فليراع ذلك. مثاله أن يقول الشيخ: " أخبرنا فلان ابن فلان " فيقول الراوي عنه: " أنا فلان، قال أنا الإمام العلامة أوحد الزمان " إلى غير ذلك من ألفاظ التعظيم التي لو عرضت على الشيخ قد لا يختارها ولا يرى المرويَّ عنه أهلا لها، فكيف يسوغ أن يحمل عليه ما يجوز أنه لا يراه؟ ثم إن هذه إشارة لذلك الشخص بهذه المرتبة، وقد أخبر هذا الراوي عن شيخه بهذه المرتبة، وأنه شاهد بها؛ ومن ذلك أن أرباب الأصول اشترطوا في الرواية بالمعنى عدم الزيادة والنقصان بالنسبة إلى الترجمة والمترجم عنه، ونرى بعض أهل الحديث قد لا يلتزم ذلك؛ فيذكر الرواية عن شخص ويزيد فيه تاريخ السماع إذا كان يعلمه، وإن لم يذكره الشيخ، وربما زاد فيه: بقراءة فلان أو بتخريج فلان، وإن لم يسمع ذلك أو لم يقرأه، وكل هذا زيادة عما يحمله لفظًا ومعنى؛ فلا يجري على قانون أهل الأصول.

البحث الثاني: الذي اصطلحوا عليه من عدم التغيير للألفاظ، بعد وصولهم إلى المصنف، ينبغي أن ينظر فيه: هل هو على سبيل الوجوب أو هو اصطلاح على سبيل الأول؟ وفي كلام بعضهم ما يشعر بأنه ممتنع لأنه وإن كان له الرواية بالمعنى، فليس له تغيير التصنيف. وهذا كلام فيه ضعف، وأقل ما فيه أنه يقتضي تجويز هذا فيما ينقل من المصنفات المتقدمة إلى أجزائنا وتخاريجنا؛ فإنه ليس فيه تغيير التصنيف المتقدم، وليس هذا جاريًا على الاصطلاح فإن الاصطلاح على ألا تغير الألفاظ بعد الانتهاء إلى الكتب المصنفة، سواء رويناها فيها أو نقلناها منها / طرة].
(١) على هامش (غ) بخط ابن الفاسي: [قال أبو بكر ابن العربي في (الأحوذي، شرح الترمذي) =

<<  <   >  >>