للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يوجد في رواياتهم؛ فإنه عبارةٌ عن الخبر الذي ينقله من يحصل العلمُ بصدقِه ضرورةً، ولا بد في إسنادِه من استمرارِ هذا الشرطِ في رُواته من أوله إلى منتهاه، ومَن سُئل عن إبراز مثال ٍ لذلك فيما يُروَى من الحديثِ أعياه تطلبُه. وحديثُ " إنما الأعمال بالنيات " ليس من ذلك بسبيل ٍ وإن نقله عددُ التواتر وزيادةٌ؛ لأن ذلك طرأ عليه في وسط إسناده ولم يوجَدْ في أوائله، على ما سبق ذكره (١). نعم، حديثُ " من كذب عليّ متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار " نراه مثالا لذلك؛ فإنه نقله من الصحابة - رضي الله عنهم - العددُ الجمُّ، وهو في (الصحيحين) مَرويٌّ عن جماعة منهم، وذكر " أبو بكر البزار، الحافظ الجليل " في (مسنده) أنه رواه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نحو من أربعين رجلا من الصحابة. وذكر بعض الحفاظ (٢) أنه رواه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اثنان وستون نفسًا من الصحابة وفيهم العشرةُ المشهودُ لهم بالجنة. قال: وليس لهم الدنيا حديث اجتمع على روايته العشرةُ، غيرَه. ولا يعرف حديثٌ يروى عن أكثر من ستين نفسًا من الصحابة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا هذا الحديث الواحد *.


(١) وانظر تقييد العراقي (٢٦٧) وفيه بيان لعلل الطرق التي رُوِيَ بها الحديث، من غير طريق محمد بن إبراهيم عن علقمة بن وقاص عن عمر - رضي الله عنه -.
(٢) قال العراقي موضحًا: " ما أبهمه المصنف، هو الحافظ ابن الجوزي؛ فإنه ذكر ذلك في النسخة الأولى من (الموضوعات): رواه واحد وستون من الصحابة، ثم ذكر ما روي عن أبي بكر محمد بن عبدالوهاب النيسابوري: إنه ليس في الدنيا ... إلخ. ثم قال ابن الجوزي: إنه ما وقعت له رواية عبدالرحمن بن عوف إلى الآن ". هكذا نقلته من نسخة الموضوعات بخط الحافظ الزكي المنذري، وهذه هي النسخة الأولى من الكتاب، ثم زاد ابن الجوزي في الكتاب المذكور أشياء، وهي النسخة الأخيرة، فقال فيها: رواه من الصحابة ثمانية وتسعون نفسا. هكذا نقلته من خط " علي "ولد المصنف (التقييد والإيضاح ٢٦٩ - ٢٧٠).

<<  <   >  >>