للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

.............................................................................................................................


= ومن طريق محمد بن عبدالله الحضرمي: حدثنا أحمد بن محمد بن أبي خلف عن حُصَيْنِ بن عمرو. فذكرَه. وفيه قال: " فدعاني إلى شهادة أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، وتقيم الصلاة المكتوبة، وتؤدي الزكاة المفروضة، وتؤمن بالقدَرِ خيره وشره ".

لأنا نقول: هذا اللفظ، وهو قوله: " لما بُعِثَ النبي - صلى الله عليه وسلم - أتيتُه " لم يُرِدُ " جرير " به أنه حين بُعث النبي - صلى الله عليه وسلم - أتى إليه. ولو جرينا على ظاهرِ ذلك لَلَزِمَ أن يكون إسلامُ جرير بمكةَ حين بُعِث النبي - صلى الله عليه وسلم -. وهذا مردود بلا شك؛ ونفس حديث جرير يدل على تأخره؛ ألا ترى إلى قوله: " وتقيم الصلاة المكتوبة وتؤدي الزكاة المفروضة "؟ والصلاة المكتوبة إنما فُرضت ليلة الإسراء. وكان ذلك بعد البعثة بمدة طويلة - على ما فيه من الخلاف المبَيَّنِ في موضعه - والزكاة إنما فُرضت بالمدينة، وهذا من الأمور التي لا تَوقف فيها.

وإذا كان هذا اللفظُ متروكَ الظاهر، لم يُحتَجّ به على قدم إسلام جرير. كيف وقد قال جرير: " ما كان إسلامي إلا بعد نزول المائدة " وفي (الاستيعاب): " قال جرير: أسلمت قبل موت النبي - صلى الله عليه وسلم - بأربعين يومًا " (١) وهذا وإن كان يؤيده أن قوله تعالى: " الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ " الآية، إنما نزلت بعرفاتَ في حجة الوداع، وهو من جملة آيات المائدة، لكن الظاهر أن المراد به الوضوء (٢)، وهي نزلت قبل غزوة تبوك. وأيضًا فإن الذي جرى عليه الحفاظ المتأخرون، أن إسلامه سنة عشر في شهر رمضان. وقال " الطحاوي " (٣): من قال إن جريرًا أسلم قبل وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - بأربعين يومًا؛ غلط؛ لما صح عنه أن سيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال له في حجة الوداع: " استَنْصِتْ لي الناسَ ".
لكن هذا كله يدل على قرب إسلامه، وأما ما في (معجم ابن قانع) من حديث شريك، عن أبي إسحاق، عن الشعبي، عن جرير قال: " لما نُعِيَ النجاشيُّ قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " إن =

<<  <   >  >>