للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولد في " بُلْقِينَةَ " من ريف الدلتا، في ليلة الجمعة، الثانية عشرة من شعبان سنة ٧٢٤ هـ، ومصر وقتئذ تنعم بعصر من أنضر عصور الاستقرار والمنعة والازدهار، في السلطة الثالثة " للملك الناصر محمد بن السلطان المنصور قلاوون " التي امتدت قرابةَ ثلث قرن (٧٠٩ - ٧٤١ هـ) " تفرغ فيها للتعمير، واتفقت عليه كلمة المسلمين، فأقام مُلكًا مطاعًا لم يَرَ أحد مثل سعادة ملكه وعدم حركة الأعادي عليه بَرًّا ولا بحرًا مع طول المدة ... وأذعنت له الملوك، ودانت له الأمم، وخافته الأكاسرة والجبابرة ... وكان ملكًا مطاعًا مهيبًا معظِّمًا لأهل العلم. لقي مشايخ الوقت وسمع من كبار الحفاظ والمسندين، وأجازه جِلَّة منهم. وعُرِف له الحرصُ على حرمة المناصب العلمية، يتحَرى ألا يشغلها إلا من هو أهل لها، ويبالغ في ذلك. كما عُرِف عنه الحزمُ وطولُ الصبر على ما يكره .. " وبُنيَ في سلطنته من الجوامع والمدارس والخوانق ما لهج المؤرخون والرحالة بذكره (١).

في ذلك العهد الميمون، أمضى عمر بن رسلان البلقيني صباه الغض في بلقينة، حفظ القرآن الكريم وهو ابن سبع سنين، وحفظ المحرر للإِمام الرافعي، والكافية لابن مالك والشاطبية في القراءات، ومختصر ابن الحاجب الأصلي. " وأقدمه أبوه القاهرة وله اثنتا عشرة سنة، فعرض محفوظاته على علماء الوقت فبهرهم بذكائه وكثرة محفوظه وسرعة إدراكه " (٢).

من الشيوخ الذين عرض عليهم في هذه الرحلة الأولى إلى القاهرة:

" الجلال القزويني، محمد بن عبدالرحمن الشافعي، قاضي قضاة الإِقليمين، مصر والشام " (٦٦٦ - ٧٣٩ هـ) وصاحب الإِيضاح لمفتاح العلوم لأبي يعقوب السكاكي.

و " التقي السبكي، أبو الحسن علي بن عبدالكافي المصري الشافعي قاضي القضاة "، الفقيه المجتهد الأصولي النظار (٦٨٣ - ٧٥٦ هـ).


(١) بتضمين من ذيل العبر لأبي المحاسن الحسيني - وهو من شهود عصر الناصر محمد - والنجوم الزاهرة، والسلوك، وترجمة الناصر محمد بن قلاوون في الدرر الكامنة.
(٢) ما بين الأقواس، هنا وفيما يلي من المبحث، بلفظ الحافظ ابن حجر في المجمع المؤسس: ترجمة شيخه السراج البلقيني.

<<  <   >  >>