للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عمير بن هاشم إلى المدينة ليقرئهم. فاستأذن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - أن يجمع بهم، فأذِنَ له رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - " (١).

وهذا كله قبل أن يهاجر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة. ولهذا قال الشيخ " أبو حامد " (٢) في (تعليقه): " إن الجمعة فُرِضتْ قبل الهجرة ". وفيما قال " أبو حامد " نظر؛ لحديثٍ سنذكره من طريق جابر.

ولما قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة، أقام الجمعة في بني سالم بن عوف، وذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أقام في بني عمرو بن عوف الاثنين [١٦٨ / و] والثلاثاء والأربعاء والخميس، وأسس مسجدهم. ثم خرج من بين أظهرهم يوم الجمعة. وبنو عمرو بن عوف يزعمون أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مكث عندهم أكثر من ذلك. وفي (البخاري) من طريق أنس: " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أقام فيهم أربع عشرة ليلة " (٣).

والمشهورُ عند أهل المغازي الأوَّل (٤). وعليه؛ لما أدركتْه الجمعة في بني سالم بن عوف، صلاها بالمسجد الذي ببطن الوادي، فكانت تلك أولَ جمعة صلاها بالمدينة. ولم يُحْفَظ في خبرٍ إقامةُ الجمعة بمكة.

وعن " جابر بن عبدالله " - رضي الله عنهما -، قال: خطبنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: " يا أيها الناس توبوا إلى الله قبل أن تموتوا، وبادروا بالأعمال الصالحة قبل أن تشغلوا، وصلُوا الذي بينكم وبين ربكم بكثرة ذكرِكم له وكثرةِ الصدقة في السر والعلانية؛ تُرْزَقوا وتُنصَروا وتُجبَروا. واعلموا أن الله تعالى قد افترض عليكم الجمعة في مقامي هذا، في يومي هذا، في شهري هذا، في عامي هذا، إلى يوم القيامة، فمن تركها في حياتي أو بعدي، وله إمام عادل أو جائر، استخفافًا بها أو جحودًا لها؛ فلا جمع له شملَه ولا بارك له في أمره.


(١) مصنف عبدالرزاق ٣/ ١٦٠ (٥١٤٦) والحديث في الطبراني الأوسط عن ابن مسعود - رضي الله عنه - (مجمع الزوائد ٢/ ١٧٦) باب في أول من صلى الجمعة بالمدينة.
(٢) " الشيخ أبو حامد " الإسفراييني أحمد بن محمد بن أحمد الشافعي إمام طريقة العراقيين وشيخ المذهب، عدَّه ابن الصلاح مجدد المائة الرابعة - ٤٦٦ هـ - وله (التعليقة الكبرى في الفروع) في نحو خمسين مجلدا. (تهذيب الأسماء للنووي ١/ ٢ / ٣١٨).
(٣) أبواب الهجرة: باب مقدم النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه المدينة (فتح الباري ٧/ ١٨٤).
(٤) ابن إسحاق: (الهشامية ٢/ ١٣٩) وأبو الفتح اليعمري من طريقه (عيون الأثر ١/ ١٩٤) وابن سعد ١/ ٢٣٦.

<<  <   >  >>