للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المطلق؛ وهو القرب من رسول الله بعددٍ قليلٍ، بالنِّسبة إلى سندٍ آخرَ يَرِدُ بذلك الحديث بعينه بعددٍ كثيرٍ، أو بالنِّسبة لمطلق الأسانيد.

والقرب من إمامٍ من أئمَّة الحديث ذي صفةٍ عاليةٍ؛ كالحفظ والضَّبط، كمالكٍ والشَّافعيِّ،

قوله: (المُطْلَق)؛ أي: الذي لم يُقيدْ بإمامٍ أو كتابٍ، وهو أجلُّ الأنواعِ.

قوله: (بِعَدَدٍ قَلِيْلٍ)؛ أي: مع كونه نظيفًا صحيحًا، أما إذا كان مع ضعفٍ فلا التفات إلى عُلوه سيما إن كان فيه بعض الكذابين المتأخرين ممَّن ادعى سماعًا من الصحابة، مثل خِراش ونُعيم بن سالم.

قلت: وقد وقع لي من هذا النوع الحديث المسلسل بالمُصافحة، فكان بيني وبين الرسول فيه أربعة فقط، فحدَّثني به الشيخ الأجل السيد عمر بن سودة المهدي التاودي المغربي وهو مصافحٌ لي بملاصقة إبهام يده اليمنى لإبهام يدي وجعل السبابة والوسطى من يده بجانب إبهام يدي والخنصر والبنصر منه عند خنصري وبنصري والمعصم بين ذلك، قال: حدثني سيدي محمد السنوسي وهو مصافحٌ لي كذلك: حدَّثني سيدي محمد بن إدريس وهو مصافحٌ لي: حدَّثني الإمام الأكبر محيي الدين بن العربي وهو مصافح لي: حدثني رسول الله وهو مصافح لي قال: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِيْ وَلِأَخِيْ هَذَا وَأَدْخِلْنَا فِيْ رَحْمَتِكَ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِيْنَ».

قال شيخنا المذكور: وكلا روايتي ابن إدريس عن ابن العربي وابن العربي عنه بلا واسطة بطريق خَرْقِ العَادَةِ إذ لم يلتق ابن إدريس مع ابن العربي، ولا ابن العربي مع رسول الله ، قال: ولا ضير في مثل ما يُؤخذ من ذلك بهذه الطرق للتَّبرك سيما من مقام الصديقية، وبهذا تجوز رواية الحديث عند أهل الصديقية من باب قوله لَمَّا أَخْبَرَ بِتَكَلُّم البَقَرَةِ وَالذِّئْبِ وحديثهما في الصحيح، «وقال الناس: سُبْحَانَ اللَّهِ بَقَرَةٌ وذِئْبٌ يَتَكَلَّمَانِ، قال: آمَنْتُ بِذَلِكَ أَنَا وَأَبُوْ بَكْرٍ وَعُمَرُ». انتهى (١).

قوله: (يَرِدُ)؛ أي: يُرْوَى.

وقوله: (بِذَلِكَ الْحَدِيْثِ)؛ أي: لهُ.

قوله: (كَالْحِفْظِ وَالضَّبْطِ)؛ أي: ونحوهما من الصفات المقتضيات للترجيح.

قوله: (كَمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ)؛ أي: والبخاري ومسلم ونحوهم مع الصحة أيضًا، وإن كَثُرَ العددُ إلى


(١) قال عمر : « .. وإنما نأخذكم الآن بما ظهر من أعمالكم» [خ¦ ٢٤٩٨] هذه أسانيد ظاهرها الانقطاع ولا معاصرة بيقين بعض رواتها، ولا يفرح بمثل هذا العلو عند أهل الحديث.

<<  <   >  >>