تظهر للنُّقَّاد أطبَّاءِ السُّنَّةِ الحاذقين بعللها عند جمع طرق الحديث والفحص عنها؛ كمخالفة راوي ذلك الحديث لغيره ممَّن هو أحفظ وأضبط وأكثر عددًا، وتفرُّده وعدم المتابعة عليه، مع قرائنَ تنبِّه على وهمه في وصل مُرسَلٍ، أو رفع موقوفٍ، أو إدراج حديثٍ في حديثٍ، أو لفظةٍ أو جملةٍ ليست من الحديث أدرجها فيه، أو وهمٍ بإبدال راوٍ ضعيفٍ بثقةٍ، ويقع في الإسناد والمتن:
قوله:(كَمُخَالَفَةِ رَاوِي ذَلِكَ الحَدِيْثِ … ) إلى آخره؛ أي: كما في حديث يَعلى بن عبيد الآتي، فإنَّه رواه عن عمرو بن دينار، وغيره إنَّما رواه عن أخيه عبد الله بن دينار.
وقوله:(وتفرده … ) إلى آخره؛ أي: كما في حديث مسلم الذي ساقه الشارح أيضًا من جهة الأوزاعي المشتمل على التصريح بنفي الافتتاح بالبسملة؛ فإنَّ هذه الزيادة انفرد بها الراوي ولم يتابعه أحدٌ عليها.
قوله:(علَى وَهَمِه) بفتح الهاء؛ أي: غَلَطِهُ في تلك المخالفة، من وصلِ المرسل أو غير ذلك مما ذكره الشارح.
وعبارة «التقريب وشرحه»: وتُدرك العلةُ بتفردِ الراوي وبمخالفة غيره له مع قرائن تنضم إلى ذلك تُنَبِّهُ العارفَ بهذا الشأنِ على وهمٍ وقع؛ بإرسالٍ في الموصول أو وقفٍ في المرفوع أو دخولِ حديث في حديث أو غير ذلك بحيث يغلب ذلك على ظنه فيحكم بعدم صحة الحديث أو يتردد فيتوقف فيه. انتهى.
ثمَّ قال: والطريق إلى معرفته جمع طرق الحديث، والنظر في اختلاف رواته وضبطهم وإتقانهم، قال ابن المديني: البابُ إذا لم تُجمع طُرقه لم يتبين خطؤه، وكَثُرَ التعليلُ بالإرسال للموصول بأن تكون رواته أقوى ممن وصل. انتهى.
قوله:(وَيَقَعُ فِي الْإِسْنَادِ … ) إلى آخره؛ أي: تقعُ العلة في الإسناد والمتن، قال الجلال: ووقوعها في الإسناد أكثر. انتهى.
وذلك بأن يختلف السند عن راوٍ واحدٍ فيرويه كلٌّ من الجماعة على وجهٍ مخالفٍ للآخر في وصله وإرساله أو في إثبات راوٍ وحذفه أو غير ذلك، وإذا وقعت في الإسناد فقد تقدح فيه وفي المتن أيضًا، كإرسال سند متصل، أو وقف مرفوع، أو إدراج أو غير ذلك ولم يقوَ الاتصال أو الرفع على الإرسال أو الوقف، وقد لا تقدحُ فيه بأن يتعدد السند أو يقوى الاتصال ونحوه، أو يكون الذي وقع فيه الاختلاف تعيينُ واحدٍ من ثقتين كما مثَّل به الشارح من حديث «الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ»، حيث رواه