فالأوَّل: كحديث يعلى بن عبيدٍ عن الثَّوريِّ عن عمرو بن دينارٍ: «البيِّعان بالخيار» صرَّح النُّقَّاد بأنَّ «يعلى» غَلِطَ، إنَّما هو عبد الله بن دينار لا عمرو بن دينارٍ، وشذّ بذلك عن سائر أصحاب الثَّوريِّ، وسبب الاشتباه: اتِّفاقهما في اسم الأب، وفي غير واحدٍ من الشُّيوخ، وتقاربهما في الوفاة.
وأمَّا علَّة المتن فكحديث مسلمٍ من جهة الأوزاعيِّ عن قتادة: أنَّه كتب إليه يخبره عن أنسٍ أنَّه حدَّثه أنَّه قال: «صلَّيت خلفَ النَّبيِّ ﷺ وأبي بكرٍ وعمرَ وعثمانَ، فكانوا يستفتحون بـ: الحمد لله ربِّ العالمين، لا يذكرون ﴿بسم الله الرحمن الرحيم﴾ في أوَّل قراءةٍ ولا في آخرها»، فقد أعلَّ الشَّافعيُّ ﵁ وغيره هذه الزِّيادة التي فيها عدم البسملة، بأنَّ سبعةً أو ثمانيةً خالفوا في ذلك، واتَّفقوا على الاستفتاح بـ «الحمد لله رب العالمين»، ولم يذكروا البسملة والمعنى: أنَّهم
يَعلى بن عُبيد، عن الثَّوري، عن عَمرو بن دينار، عن ابن عمر، فقد صَرَّحَ النُّقاد بِوَهْمِهِ على الثوري، والمعروف من حديثه عن عبد الله بن دينار لا عمرو بن دينار، لكن هذه العلة لا تقدح في المتن؛ لأنَّ عبد الله وعمرًا كلاهما ثقةٌ.
قوله:(بِأَنَّ سَبْعَةً أَوْ ثَمَانِيَةً)؛ أي: مِمَّنْ رَوى هذا الحديث عن أنس منهم سفيان بن عيينة والفزاري والثقفي، والعدد الكثير أولى بالحفظ من واحدٍ.
قوله:(وَلَمْ يَذْكُرُوا البَسْمَلَةَ)؛ أي: فلم يقولوا كما قال هذا الراوي: (لا يذكرون: بسم الله الرحمن الرحيم) بل اقتصروا على قوله (فَكَانُوا يَسْتَفْتِحُونَ بـ ﴿الْحَمْد لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الفاتحة: ٢])، قال الدَّارقطني: وهذا هو المحفوظ عن قَتَادة وغيره، عن أنس، قال البيهقي: وكذلك رواهُ عن قتادة أكثرُ أصحابه كأيوب وشُعبة والدَّسْتُوَائي وشيبان وسعيد بن [أبي](١) عروبة وأبي عَوانة وغيرهم، قال ابن عبد البر: فهؤلاء حُفَّاظُ أصحابِ قَتادة، وليس في روايتهم لهذا الحديث ما يُوجب سقوط البسملة، وهذا هو اللفظ المتفق عليه في الصحيحين وهو رواية الأكثرين.
قوله:(وَالْمَعْنَى … ) إلى آخره؛ أي: معنى رواية أولئك الجمهور من قولهم: (فَكَانُوا يَسْتَفْتِحُونَ