ربَّما دلَّسهما، والحكمُ بالتفرُّد يكون بعد تتبُّع طرق الحديث الذي يُظَنُّ أنَّه فردٌ، هل شارك راويه آخر أم لا؟ فإن وُجِدَ بعد كونه فردًا أنَّ راويًا آخر ممَّن يَصلُح أن يُخرج حديثه للاعتبار والاستشهاد به وافقه؛ فإن كان التَّوافق باللَّفظ سُمِّي متابعًا، وإن كان بالمعنى سُمِّي شاهدًا،
عن زياد بن سعد عن الزهري.
قوله:(دَلَّسَهُمَا)؛ أي: أسقطهما؛ أي: وائلًا وأباه، تدليسًا لإيهام أنَّه رَوى عن الزهري بلا واسطة.
قوله:(بَعْدَ كَوْنِهِ فَرْدًا)؛ أي: بحسب الظاهر قبل النظر والبحث.
قوله:(مِمَّنْ يَصْلُحُ أَنْ يُخْرَجَ حَدِيْثُهُ للاعْتِبَارِ)؛ أي: بأنْ لمْ يكنْ ضعيفًا، أو كان لكنه غيرُ شديدِ الضعفِ؛ فإنَّه لا انحصارَ للمتابعات والشواهد في الثقة بل يدخلُ فيها الضعفاء، لكن ليس كل ضعيف يصلح لذلك، كما سيُنَبه عليه الشارح، بل ضعيف الضعف فقط.
والاعتبار هو: أن تَعْمَدَ إلى الحديثِ الذي تراهُ فردًا فتعتبره وتعتني به وتبحث وتفتش في طرقه فتنظر هل رواه راو آخر بلفظه أو معناه أو لا؟ فإن وُجِدَ عُلِمَ أنَّ له أصلًا يُرجع إليه، ثم إنْ كان بمعناه فهو الشاهد: فهو متنٌ بمعنى الحديث الفرد عن رواية صحابي آخر، أو بلفظه فهي المتابعة: فهي وجدانُ راوٍ مشاركٍ لما روى منفردًا فيما رواه بلفظه؛ وهي إمَّا أن تكون لنفس الراوي بأن روى هذا الحديث عن الشيخ الراوي الأول نفسه، أو لشيخه، أو لشيخ شيخه وهكذا إلى آخر الإسناد.
فالأولى متابعة تامة وما عداها متابعة قاصرة، وهي بأقسامها تُكسب قوةً في الفرد، وإن كانت الأولى أعلى، ويليها ما بعدها وهكذا إلى الآخر، وسيأتي التمثيل لكلٍّ من الاعتبار والمتابعة والاستشهاد في كلام الشارح.
قوله:(وَافَقَهُ)؛ أي: وافق ذلك الراوي الذي روى الفرد.
قوله:(سُمِّيَ مُتَابِعًا)؛ أي: فتختصُّ المتابعةُ بما كان باللفظِ سواءً كان من رواية ذلك الصحابي أم لا؟