للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإن لم يوجد من وجهٍ بلفظه أو بمعناه؛ فإنَّه يتحقَّق فيه التفرُّد المطلق حينئذٍ. ومظنَّة معرفة الطُّرق التي تحصل بها المتابعات والشَّواهد، وتنتفي بها الفرديَّة الكتب المصنَّفة في «الأطراف»، وقد مثَّل ابن حبَّان لكيفيَّة الاعتبار؛ بأن يروي حمَّاد بن سلمة حديثًا لم يُتابَع عليه عن أيُّوب عن ابن سيرين عن أبي هريرة عن النَّبيِّ ، فينظر هل روى ذلك ثقةٌ غير أيُّوب عن ابن سيرين؟ (١)، فإن وُجِد عُلِمَ به أنَّ للحديث أصلًا يُرجَع إليه، وإن لم يُوجَد ذلك فثقةٌ غير ابن سيرين رواه عن أبي هريرة، وإلَّا فصحابيٌّ غير أبي هريرة رواه عن النَّبيِّ ، فأيُّ ذلك وُجِدَ عُلِمَ به أنَّ للحديث أصلًا يُرجَع إليه، وإلا فلا. وكما أنَّه لا انحصار للمتابعات في الثِّقة كذلك الشَّواهد،

والشاهد أعمُّ، وقيل: هو مخصوصٌ بما كان بالمعنى، وقال شيخ الإسلام: يُسمى الشاهد متابعة أيضًا.

قوله: (وَإِنْ لَمْ يُوْجَدُ مِنْ وَجْهٍ)؛ أي: كالحديث الذي رواه الترمذي من طريق حمَّاد، عن أيوب، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة أراه رفعه: «أَحْبِبْ حَبِيبَكَ هَوْنًا مَا … » الحديث، قال الترمذي: غريب لا نعرفه بهذا الإسناد إلَّا من هذا الوجه.

قوله: (فِيْ الأَطْرَافِ)؛ أي: أطراف الأحاديث وطُرُقِهَا، أو أطراف الدنيا.

قوله: (لَمْ يُتَابَعْ عَلَيْهِ)؛ أي: في بادئ الرأي قبل النظر فيه كما تقدمت الإشارة إليه، لا قطعًا.

قوله: (فَيُنْظَر … ) إلى آخره، هذه هي كيفية الاعتبار؛ لأنَّك تعتبر هذا الفرد برواياتِ غيره من الرواة، وسَبْرِ طُرُقِ الحديث.

قوله: (غَيْرُ أَيُّوْب عَنْ ابْنِ سِيْرِيْن) وهذه متابعة تامة، وهي الموافقة لنفس الراوي في الرواية عن شيخ.

وقوله: (وَإِنْ لَمْ يُوْجَدْ ذَلِكَ)؛ أي: رواية أحد غير أيوب، عن ابن سيرين.

وقوله: (فَثِقَةٌ غَيْرُ ابنِ سِيْرِين) وهذه متابعة قاصرة.

قوله: (فَأَيُّ ذَلِكَ وُجِدَ … ) إلى آخره؛ أي: كما سيأتي للشارح في رواية الشافعي، عن مالك، عن عبد الله ابن دينار في حديث: «الشَّهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرُوْنَ».


(١) سقط من (ص) قوله: «عن أبي هريرة عن النَّبيِّ ، فينظر هل روى ذلك ثقةٌ غير أيُّوب عن ابن سيرين؟».

<<  <   >  >>