للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

البيهقيُّ إلى أنَّ الشَّافعيَّ تفرَّد بهذا اللَّفظ عن مالكٍ، فنظرنا، فإذا البخاريُّ روى الحديث في «صحيحه»، فقال: حدَّثنا عبد الله بن مسلمة القعنبيُّ، حدَّثنا مالكٌ به بلفظ الشَّافعيِّ سواءٌ، فهذه متابعةٌ تامَّةٌ في غاية الصِّحَّة لرواية الشَّافعيِّ، ودلَّ هذا على أنَّ مالكًا رواه عن عبد الله بن دينارٍ باللَّفظين معًا، وقد تُوبِع فيه عبد الله بن دينار من وجهين عن ابن عمر؛ أحدهما: أخرجه مسلم من طريق أبي أسامة عن عبيد (١) الله بن عمر عن نافعٍ، فذكر الحديث، وفي آخره:

قوله: (تَفَرَّدَ بِهَذَا اللَّفْظِ)؛ أي: قوله: («فَأَكْمِلُوْا العِدَّةَ … » إلى آخره)، ولذا عُدَّ من غرائب الشافعي؛ لأنَّ أصحاب مالك رووه عنه بهذا الإسناد بلفظ: «فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدُرُوا لَهُ ثَلَاثِينَ» لكن وجدنا للشافعي متابِعًا، وهو عبد الله بن مسلمة القَعنبي، فإنَّه رواه عن مالك بلفظ الشافعي، وهذه متابعة تامة كما قال الشارح لمتابعة القَعْنَبِي للشَّافعي في شيخه مالك واللفظُ واحدٌ.

قوله: (لِرِوَايَةِ الشَّافِعِيِّ) متعلقٌ بمتابعةٍ.

قوله: (وَقَدْ تُوْبِعَ فِيْهِ عَبْدُ اللهِ بنُ دِيْنَارٍ)؛ أي: فتكونُ متابعةً قاصرةً للشافعي، لكن كون الوجه الأول؛ -أعني: ما أخرجه مسلم- متابعةً لا يتجهُ على ما قدَّمه الشارح من أنَّ المتابعة هي الموافقة في اللفظ، إذ (٢) اللفظ في الروايتين متغايرٌ فيكون شاهدًا لا متابعًا، نعم يتجه على ما قدمناه عن شيخ الإسلام مِن أنَّ الشَّاهد يُسمى متابعة، وكذا الوجه الثاني؛ -أعني: ما رواه ابن خزيمة- فإن لفظ «العدة» ساقط منه، فقوله فيه: (فهذه متابعةٌ) ممنوع على ما قدمَّه، صحيحٌ على ما ذكره شيخ الإسلام، ويكون حينئذ متابعة ناقصة.


(١) في (ص) و (م): «عبد»، وهو تحريفٌ.
(٢) في المطبوع: (إذا).

<<  <   >  >>