للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ومن هؤلاء من وضعَ أحاديثَ فضل السُّور سورةً سورة، قيل لأبي عاصم نوح بن أبي مريم: من أين لك عن عكرمة عن ابن عباس في فضل القرآن سورة سورة، وليس عند أصحاب عكرمة هذا؟ فقال: إني رأيتُ الناس قد أعرضوا عن القرآن، واشتغلوا بفقه أبي حنيفة، ومغازي ابن إسحاق، فوضعت هذا الحديث حسبة.

وروي عن المؤمل بن إسماعيل قال: حدَّثني شيخ بما روي عن أُبيِّ بن كعب مرفوعًا في فضل القرآن سورة سورة، قال: حدَّثني به شيخ، فقلت للشيخ: مَن حدَّثك؟ قال: حدَّثني به رجل بالمدائن، وهو حي فصِرْت إليه، فقلت: مَن حدَّثك؟ قال: حدَّثني شيخ بواسط وهو حي فصِرْت إليه. فقال: حدَّثني شيخ بالبصرة فصِرْت إليه، فقال: حدَّثني شيخ بعبادان فصرتُ إليه، فأخذ بيدي فأدخلني بيتًا فإذا فيه قوم من المتصوفة ومعهم شيخ فقال: هذا الشيخ حدَّثني. فقلت: يا شيخ مَن حدَّثك؟ فقال: لم يحدثني أحد، ولكنَّا رأينا الناس قد رغبوا عن القرآن فوضعنا لهم هذا الحديث ليصرفوا قلوبهم إليه.

قال النووي: وقد أخطأ من ذكره من المفسرين؛ أي: كالزمخشري والبيضاوي.

ومنهم مَن يقلب سندَ الحديث ليُستغرب فيُرغَب في سماعه منهم، كحمَّاد النصيبي والبهلول بن عُبيد.

ومنهم من كان يرتزق بذلك ويتكسب به في القصص كأبي سعيد المدايني إلى غير ذلك.

فوائد:

الأولى: قال النَّسائي: الكَذَّابُون المعروفون بوضعِ الأحاديث أربعة: ابن أبي يحيى بالمدينة، والواقدي ببغداد، ومقاتل بخُراسان، ومحمد بن سعيد المصلوب بالشام.

الثانية: قال السيوطي: وردَ في فضائل السور مفرَّقة أحاديث بعضها صحيح وبعضها حسن وبعضها ضعيف ليس بموضوع، ولولا خوف الإطالة لأوردت ذلك لئلا يتوهم أنَّه لم يصح في فضل السور شيء خصوصًا مع قول الدَّارقطني: أصح ما ورد في فضائل القرآن فضل: ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾ [الإخلاص: ١] وتفسير الحافظ عماد الدين ابن كثير أجلُّ ما يعتمد عليه في ذلك؛ فإنَّه أوردَ غالب ما جاء في ذلك مما ليس بموضوع وإن فاته أشياء، وقد جمعتُ في ذلك كتابًا لطيفًا سميته «حمائل الزهر في فضائل السور».

ثم قال: واعلمْ أنَّ السور التي صحَّت الأحاديث في فضلها: الفاتحة، والزهراوان، والأنعام، والسبع الطوال مجملًا، والكهف، ويس، والدخان، والملك، والزلزلة، والنصر، والكافرون، والإخلاص،

<<  <   >  >>