للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بخلاف التَّعديل فلا يُشتَرط، ورواية العدل عمَّن سمَّاه لا تكون تعديلًا،

قال الصيرفي: وكذا إذا قالوا: (فلان كذَّاب) لا بدَّ من بيانه؛ لأنَّ الكذبَ يحتملُ الغلط كقوله: (كذب فلان).

قوله: (بِخِلَاْفِ التَّعْدِيْلِ)؛ أي: فلا يشترطُ ذكرُ سببه؛ لأنَّ أسبابهُ كثيرةٌ فيَشق ذكرها، إذ ذلك يُحوج المعدِّل إلى أن يقول: لم يفعل كذا، لم يرتكب كذا، فعل كذا وكذا، فيُعددُ جميعَ ما يُفَسَّقُ بفعلهِ أو تركه، وذلك شاقٌّ، بخلافِ الجرحِ فإنَّهُ يحصلُ بأمرٍ واحدٍ، وما ذكر في الجرح والتعديل هو الصحيح.

وقيل: يُقبل الجرحُ غير مفسَّرٍ ولا يُقبل التعديل إلَّا مُفَسَّرًا؛ لأنَّ أسباب العدالة يكثرُ التَّصَنُّعُ فيها، وقيل: لا يُقبلان إلَّا مفسَّرَين؛ لأنَّه كما يجرحُ الجارح بما لا يقدح كذلك يوثق المعدِّل بما لا يقتضي العدالة، كما قال إنسان لأحمد بن يونس: عبد الله العمري ضعيفٌ، فقال: إنَّما يضعفُهُ رافضيٌّ مبغضٌ لو رأيت لحيته وهيئته لعرفت أنَّه ثقةٌ، فاستدلَّ على ثقته بما ليس بحجة فإنَّ حسن الهيئة يَشترك به العدل وغيره.

وقيل: لا يجب ذكرُ السبب في واحد منهما إذا كان الجارحُ والمعدِّل عالمًا بأسباب الجرح والتعديل، وصحَّحَهُ العراقي والبُلقيني.

وقال شيخ الإسلام: إن كانَ وثَّقه أحد من أئمةِ هذا الشأن لم يُقبل الجرح فيه من أحدٍ إلَّا مُفسرًا؛ لأنَّه قد ثبتت له رتبةُ الثقةِ فلا يزحزحُ عنها إلَّا بأمرٍ صريح، وإن خلا عن التعديل قُبِلَ الجرحُ غيرَ مُفَسَّرٍ إذا صدرَ من عارفٍ؛ لأنَّه إذا لم يُعدَّل فهو في حيز المجهول وإعمال قول الجارح فيه أولى من إهماله، والصحيح أنَّ الجرح والتعديل يثبتان بواحد، وقيل: لا بدَّ من اثنين كالشهادة، وإذا اجتمع جرح وتعديل فالجرحُ مقدمٌ، ولو زادَ عددُ المعدِّل على الأصح عند الفقهاء والأصوليين؛ لأنَّ مع الجارح زيادةُ علمٍ لم يطلعْ عليها المُعَدِّلُ.

وقَيَّدَ الفقهاءُ ذلك بما إذا لم يقل المعدِّل: عرفتُ السبب الذي ذكره الجارح، ولكنه تابَ وحسُنَت حالتهُ فإنَّهُ حينئذٍ يقدمُ، قال البُلقيني: ويأتي ذلك أيضًا هنا إلَّا في الكذب.

قوله: (وَرِوَايَةُ العَدْلِ عَمَّنْ سَمَّاهُ)؛ أي: عن شخص يُسمِّيه في روايته.

وقوله: (لَاْ تَكُوْنُ (١) تَعْدِيْلًا)؛ أي: حُكمًا منه بتعديله نظرًا إلى أنَّه لم يذكر فيه جرحًا؛ وذلك لجواز


(١) في المطبوع: «يكون».

<<  <   >  >>