نور الحديث مُبينٌ فَادْنُ واقتبسِ … واحْدُ الرِّكابَ له نحو الرِّضى النَّدِسِ
واطلُبْهُ بالصِّين فهْو العلم إن رُفِعَتْ … أعلامُه بِرُباها يا بن أندلسِ
فلا تُضِعْ في سوى تقييد شارِدِه … عُمْرًا يفوتك بين اللَّحْظ والنَّفَسِ
قوله:(فَادْنُ) أمرٌ من الدُّنوِّ وهو القُرب.
وقوله:(واقْتَبِسْ) أمرٌ من الاقتباس، وهو من النَّار الأخذ، ومن العلم الاستفادة.
قوله:(وَاحْدُ الرِّكَابِ) أُحْدُ أمرٌ من الحدو، يقال: حدا الإبل يحدوها وبها حدوًا: زجرها وساقها، فدال (احدُ) مضمومة، و (الرِّكاب) -ككتاب- الإبل كما في «القاموس»، قال: واحدتها راحلة. انتهى.
أي: لا واحد له من لفظه، وقيل واحده: ركوبة، وهي كالرَّكوب بالفتح: النَّاقة المعدَّة للحمل والرَّكوب كما في «العناية»، يقال: ما له ركوبة ولا حمولة ولا حلوبة؛ أي: ما يركبه ويحمل عليه ويحلبه.
وقوله:(نَحْوَ الرِّضى)؛ أي: جهة الرجل الرَّضيِّ؛ أي: المرضيِّ الأخلاق والأطوار.
وقوله:(النَّدس) بضم الدال المهملة وكسرها، وفيه السُّكون أيضًا بعد النُّون المفتوحة: وهو الرَّجل السَّريع الفهم، وفعله كفرح، كما في «القاموس»؛ وهو كناية عن التَّعب في تحصيله وأخذه عن الثِّقات ولو بتحمُّل المشاقِّ العديدة بالأسفار البعيدة وقد نوَّره بما بعده.
قوله:(وَاطْلُبْهُ) المأمور (ابن الأندلس) في قوله: يا ابن أندلس (بالصِّين) ولو بَعُدَت الشِّقة وعظمت المشقَّة (فهو العلم)؛ أي: النَّافع الَّذي لا ينبغي الجدُّ والاجتهاد في غيره (إن رفعت أعلامه) كنايةً عن العمل به وإظهاره ونشره للنَّاس، و (الرُّبى) بضم الراء جمع رَبْوة، مثَّلث الرَّاء كالرُّباوة: ما ارتفع من الأرض والضمير في (رُبَاها) للأَعْلَامِ جمع عَلَمَ بالتَّحريك وهو الرَّاية.
قوله:(فَلَا تُضِعْ) بضمِّ الفوقيَّة من الإضاعةِ، ومفعوله قوله:(عمر … ) إلى آخره، وقوله:(شَارِدَةٌ) بإضافةِ شاردٍ إلى الضَّمير العائد على علم الحديث؛ أي: ما شَرَدَ وتَفَرَّقَ منه.