للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أو قرأ غيره على الشَّيخ، وهو يسمع ويقول فيه عند الأداء: أخبرنا (١)،

على الشيخ أعمُّ من العرض؛ لأنَّه عبارةٌ عن عرض الطالب أصل شيخه والقراءة أعم من ذلك، وإذا عرفتَ ذلك فقول الشارح: (سواء قرأ)؛ أي: المقري، فهو تعميمٌ في النوع الثاني وهو القراءة على الشيخ؛ أي: إنَّه يستوي في صحةِ الرواية بالقراءة على الشيخ، القارئ بنفسه عليه والسامع لمن يقرأ عليه، وسواءٌ كانت القراءة من كُلٍّ منهما من كتاب أو حفظ، وعلى كلٍّ من هذه الصور الأربع حَفِظَ الشيخُ ما قُرئ عليه أم لا، إذا أمسك أصله هو أو ثقة غيره.

قال العراقي: وهكذا إن كان ثقةٌ من السامعين يحفظ ما قرئ وهو مستمع غير غافل فذلك كافٍ أيضًا، ورجَّحَ شيخ الإسلام الإمساك في الصور كلها عن الحفظ، قال: لأنَّه خوَّان.

وشرطَ الإمامُ أحمد في القارئ أن يكون ممنْ يعرف ويفهم، وإمام الحرمين في الشيخ أن يكون بحيثُ لو عرض من القارئ تحريفٌ أو تصحيف لرَدَّهُ، وإلا فلا يصح التحمل بها، والصحيح أنَّ السماع من لفظ الشيخ أعلى من القراءة عليه، لكن اختار شيخ الإسلام أنَّ محله إذا استوى الشيخ والطالب أو كان الطالب أعلم؛ لأنَّه أوعى لما يسمع، أما إن كان مفضولًا فقراءته أولى؛ لأنها أضبط له، قال: ولهذا كان السماع من لفظه في الإملاء أرفع الدرجات؛ لما يلزمُ منه من تحريرِ الشيخ والطالب.

قوله: (أَوْ قَرَأَ غَيْرُهُ … ) إلى آخره، قال الجلال: صرَّحَ كثيرون بأن القراءة بنفسه أعلى مرتبة من السماع لقراءة غيره. انتهى.

وقال الزركشي: القارئُ والمستمع سواء، أقولُ: الظاهر أخذًا من كلام شيخ الإسلام السابق ما ذكره الجلال، وعليه فتكون هذه المرتبة متفاوتة؛ كما تفاوتت الأولى بالإملاء وغيره على ما سبق عن شيخ الإسلام أيضًا.

قوله: (وَيَقُوْلُ فِيْهِ)؛ أي: في النوع الثاني؛ أي: القراءة على الشيخ الذي أسقطه خلافًا لما يُوهمه صنيعه من أنَّه يقول ذلك؛ أي: (أخبرنا) في الأداء بالسماع من لفظ الشيخ؛ إذ ذلك كما عرفت يقول فيه: (حدَّثنا أو حدَّثني) بناء على الشائعِ بين أهل الحديث من الفرق بينهما وتخصيص الأولى بمادة التحديث والثانية بمادة الإخبار للتمييز بين النوعين، وهو مذهب الشافعي وأصحابه ومسلم والنسائي والجمهور، وجوَّزَ كلًّا في كلٍّ الزُّهري ومالك وأبو حنيفة والبخاري وغيرهم، فلا فرق عندهم بين (حدَّثنا) و (أخبرنا) في الأداء بالسماع والقراءة، فلعلَّ الشارح جرى على هذه الطريقة.


(١) قوله: ويقال فيه: حدثنا أو حدَّثني؛ إذا كان منفردًا … وهو يسمع ويقول فيه عند الأداء: أخبرنا.

<<  <   >  >>