والأحوط الإفصاح فإن قرأ بنفسه؛ قال: قرأتُ على فلانٍ، وإلَّا؛ قال: قُرِئَ على فلانٍ وأنا أسمع.
قوله:(وَالأَحْوَطُ الإِفْصَاحُ … ) إلى آخره، قال الحاكم: الذي أختارُه وعهدتُ عليه أكثرَ مشايخي وأئمة عصري أن يقول الراوي فيما سمعه وحده من لفظ الشيخ: (حدَّثني) بالإفراد وفيما سمعه منه مع غيره (حدثنا) بالجمع، وفيما قرأه عليه بنفسه:(أخبرني) وفيما قُرِئَ على المحدِّث بحضرته: (أخبرنا).
قال ابن الصلاح: وهو حسنٌ. انتهى.
فإنْ شكَّ هل كان وحده حالة التحمل؟.
فالأصل عدم غيره فيقول:(حدَّثني أو أخبرني)، أو شك هل قرأ بنفسه أو سمع بقراءة غيره؟ فاستحسن الخطيب أن يقول:(قرأنا)؛ لأنَّه يُستعمل فيما قرأه غيره أيضًا، ثم التفصيل المذكور في ألفاظ الأداء مستحبٌّ باتفاقٍ لا واجبٌ، إنَّما لا يجوز إبدال حدثنا بأخبرنا، أو عكسه في الكُتب المؤلفة.
قوله:(قُرِئَ عَلَى فُلَانٍ) ببناءِ قُرِئَ للمجهول، وعلى فلان جار ومجرور، وفلان كناية عن شيخه.
قال النووي: ويلي ذلك عبارات السماع مُقَيَّدَةً بالقراءةِ لا مُطلقةً، كحدثنا أو أخبرنا بقراءتي أو قراءة عليه. انتهى.
(فائدة): قول الراوي: (أخبرنا سماعًا أو قراءة) هو من باب قولهم: (أتيته سعيًا وكلَّمته مشافهة) وللنُّحاة فيه مذاهب:
أحدها: وهو رأي سيبويه أنها مصادر وقعت موقع فاعل حالًا كما وقع المصدر موقعه نعتًا في (زيدٌ عدل) وأنَّه لا يُستعمل منهما إلَّا ما سُمع لا يقاس، فعلى هذا استعمالُ الصيغة المذكورة في الرواية ممنوعٌ لعدم نُطق العرب بذلك.
الثاني: وهو للمُبرِّد أنها ليست أحوالًا بل مفعولاتٍ لفعل مُضمر من لفظها وذلك المضمور هو الحال؛ أي: فالتقدير: (أخبرني حال كوني قارئًا عليه قراءة أو سامعًا سماعًا)، وعليه تخرَّج الصيغة المذكورة، بل كلام أبي حيان في «تذكرته» يقتضي أنَّ (أخبرنا سماعًا) مسموعٌ، و (أخبرنا قراءة) لم يُسمع، وأنَّه يُقاس على هذا القول الثالث وهو للسِّيرَافي أنَّه من باب (جلست قعودًا) منصوب بالظاهر مصدرًا معنويًا.