للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويقول: هذا سماعي أو روايتي عن فلانٍ، فاروهِ عني، أو أجزت لك روايته.

ثمَّ الإجازة؛ وهي أنواعٌ؛

ومن صور هذا الضرب أن يُناول الشيخُ الطالبَ سماعه ويجيزهُ ثم يُمسكه الشيخ عنده ولا يُبقيه عند الطالب، وهذه دون ما سبقَ لغيبة ما تحمَّله الطالبُ عنه، ويجوزُ روايته عنه إذا وجدَ ذلك الكتاب المناوَلَ له مع غلبة ظنه بسلامته من التغيير، أو وَجَدَ فرعًا مقابلًا به موثوقًا بموافقته ما تناولته الإجازة.

وهذه المناولة في مرتبة الإجازة لمُعيَّن من الكتب الخالية عن المناولة، وستأتي على الصحيح، وبعضهم يجعلُ لها مزيَّةً عليها، ومنها أن يأتيه الطالب بكتابٍ ويقول له: هذا روايتك فناولنيه وأجزني روايته. فيجيبه من غير نظر فيه ولا تحقيق لروايته له فهذا باطل، إلَّا أن يثق بخبرِ الطالب ومعرفته وهو ممَّن يعتمد مثله فتصحُّ الإجازة والمناولة، أو يتبين ولو بعد الإجازة أن ذلك من مروياته فيتبين صحة الإجازة كما استظهره العراقي.

الضرب الثاني: المناولةُ المجردةُ عن الإجازةِ بأنْ يُنَاوله الكتاب كما تقدَّمَ مُقتصرًا على قوله: (هذا سماعي أو من حديثي) ولا يقول له: (اروه عني) ولا (أجزتك) فلا تجوز الرواية بها على الصحيح عند الفقهاء والأصوليين، وذهب جماعة من أهل الحديث إلى جوازها، قال ابن الصلاح: وعندي أن يُقال: إن كانت المناولة جوابًا لسؤالٍ، كأن قال له: ناولني هذا الكتاب لأرويهُ عنك فناوله ولم يُصرِّحْ بالإذن صحتْ، وجازَ لهُ أن يرويه، وكذا إذا قال: حدَّثني بما سمعت من فلان، فقال: هذا سماعي منه، كما وقع من أنس فتصحُّ أيضًا، وما عدا ذلك فلا.

قوله: (عَنْ فُلَانٍ)؛ أي: ويُسميه، وكذا إن لم يُسمه ولكن اسمه مذكور في الكتاب المناول.

قوله: (ثُمَّ الإِجَازَةُ) هي القسم الرابع من أقسام التحمل، وهي مُشتقة من التَّجوز، وهو التعدي فكأنَّ الشيخَ عَدَّى روايتهُ حتى أوصلها للراوي، كما ذكره الشارح في «المنهج»، فعليه إذا قال: (أَجزتُ فلانًا كذا) فهو بمعنى: أجزت له.

قال الشُّمُنيِّ: وهي في الاصطلاح إذنٌ في الرواية لفظًا أو خطًّا، يفيد الإخبار الإجمالي عُرفًا، وأركانها أربعةٌ: المُجيز، والمُجاز، والمجاز به، ولفظ الإجازة.

قوله: (وَهِيَ أَنْوَاعٌ)؛ أي: ثمانية: إجازة لمُعيَّن بمُعيَّن، إجازة لمُعيَّن بغير مُعيَّن،

<<  <   >  >>