للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(تنبيهٌ): وشرط صحَّة الإجازة أن تكون من عالمٍ بالمُجَاز، والمُجَازُ له من أهل العلم المُجَازِ به صناعةً، وعن ابن عبد البرِّ: الصَّحيح أنَّ الإجازة لا تُقبَل إلَّا لماهرٍ بالصِّناعة حاذقٍ فيها، يعرف كيف يتناولها، وما لا يشكل إسناده؛ لكونه معروفًا معيَّنًا، وإن لم يكن كذلك لم يُؤمَن أن يحدِّث المُجَاز عن الشَّيخ بما ليس من حديثه، أو ينقص من إسناده الرَّجل والرَّجلين، وقال ابن سيِّد النَّاس: أقلُّ مراتب المجيز:

بخط فلان وأجازهُ لي»، ثم قد اختلف في العمل بالوِجادة فنُقِلَ عن معظمِ المحدثين والمالكيين وغيرهم أنَّه لا يجوز، وعن الشافعي جوازه، وقطعَ بعضُ المحققينَ بوجوب العملِ بها عند حصولِ الثقة به، قال النووي: وهو الصحيح الذي لا يتجه غيره، قال ابن الصلاح: لأنَّهُ لو توقفَ العملُ فيها على الروايةِ لانسدَّ باب العمل بالمنقول لتعذر شروطها، قال البُلقيني: واحتج للعمل بها بحديث: «أَيُّ الْخَلْقِ أَعْجَبُ إِيمَانًا؟ قَالُوْا: الْمَلائِكَةُ. قَالَ: وَكَيْفَ لَاْ يُؤْمِنُوْنَ وَهُمْ عِنْدَ رَبِّهِم. قَالُوْا: الأَنْبِيَاءَ؟ قَالَ: وَكَيْفَ لَاْ يُؤْمِنُوْنَ وَهُمْ يَأْتِيْهُم الوَحْيُ. قَالُوْا: فَنَحْنُ؟ قَالَ: وَكَيْفَ لَاْ تُؤْمِنُوْنَ وَأَنَا بَيْنَ أَظْهُرِكُم. قَالُوْا: فَمَنْ يَا رَسُوْلَ اللهِ؟ قَالَ: قَوْمٌ يَأْتُوْنَ مِنْ بَعْدِكُم يَجِدُوْنَ صُحُفًا يُؤْمِنُوْنَ بِمَا فَيْهَا» وهو استنباطٌ حسن. انتهى. قال الجلال: والحديثُ له طرقٌ كثيرة، وفي بعضها: «أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ مِنْكُم أَجْرًا»، وفي بعضها: «فَهَؤُلَاْءِ أَفْضَلُ أَهْلِ الإِيْمَانِ إِيْمَانًا». انتهى.

أقول: ولينظر هذا مع حديث: «لَوْ أَنْفَقَ أَحَدُكُمْ مِثْلَ جَبَلِ أُحُدٍ ما بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِمْ ولا نَصِيفَهُ»، وحديث: «لَوْ وُزِنَ إِيْمَانُ أَبِي بَكْرٍ بِإِيْمَانِ الأُمَّةِ لَرَجَحَ»، وغير ذلك من فضل الصحابة وأعمالهم وإيمانهم.

قوله: (وَشَرْطُ صِحَّةِ الإِجَازَةِ … ) إلى آخره، عبارة «التقريب» و «شرحه» قالوا: إنَّما تستحسنُ الإجازة إذا عَلِمَ المجيزُ ما يجيز، وكان المجاز له من أهل العلم أيضًا؛ لأنَّها توسعٌ وترخيص يتأهلُ له أهل العلم لِمَسِيْسِ حاجتهم إليها. قال عيسى بن مِسْكِين: الإجازةُ رأس مال كبير، واشترطه بعضهم في صحتها فبالغَ، وحُكي عن مالك.

قوله: (بِالْمُجَازِ) بضم الميم؛ أي: المجاز به، وقوله: (وَالمُجَازُ لَهُ) بالرفع؛ أي: وكون المجاز له … إلى آخره، وقوله: (المُجَازِ بِهِ) بالجرِّ صفةٌ للعلمِ، ولو عبَّر بما عبَّر به في «التدريب» لسلم من تلك القلاقة.

قوله: (وَمَا لَاْ يُشْكِلُ)؛ أي: وفيما لا يشكل … إلى آخره؛ أي: في معين لا يُشكل كما صرَّح به الشارح.

<<  <   >  >>