فجوَّزه محمَّد ابن سيرين، وعلَّله عياضٌ: بأنَّه نوعٌ من الإذن، والصَّحيح: عدم الجواز إلَّا إن كان له من الموصي إجازةٌ، فتكون روايته بها لا بالوصيَّة.
ثمَّ الوجادة: بأن يقف على كتابٍ بخطٍّ يعرفه لشخصٍ عاصره أو لا، فيه أحاديثُ يرويها ذلك الشَّخص ولم يسمعها منه ذلك الواجد، ولا له منه إجازةٌ، فيقول: وجدتُ أو قرأت بخطِّ فلانٍ كذا، ثمَّ يسوق الإسناد والمتن.
قوله: (نَوْعًا مِنَ الإِذْنِ)؛ أي: وشبهًا من العرض والمناولة، قال: وهو قريبٌ من الإعلامِ.
قوله: (وَالصَّحِيْحُ عَدَمُ الجَوَازِ) كذا قال ابن الصلاح، وأنكرَ عليه ذلك ابن أبي الدم وقال: الوصية أرفع رتبة من الوِجَادة بلا خلافٍ، وهي معمولٌ بها عند الشافعي وغيره، فهذه أولى.
قوله: (الوِجَادَةُ) بكسر الواو مصدرٌ لوجد غير مسموعٍ من العرب، قال المُعافَى بن زكريا: فرَّع المولِّدون قولهم: وجادةً فيما أُخِذَ من العلم من صحيفةٍ من غير سماعٍ ولا إجازةٍ ولا مناولةٍ من تفريقِ العرب بين مصادر وجد، للتمييز بين المعاني المختلفة.
قال ابن الصلاح: يعني قولهم: وَجَدَ ضالته وجدانًا ومطلوبه وجودًا، وفي الغضب: موجدة، وفي الغنى: وُجدًا بالضم، وفي الحُبِّ: وَجْدًا بالفتح.
قوله: (عَلَى كِتَابٍ)؛ أي: فيهِ أحاديث.
قوله: (عَاصَرَهُ)؛ أي: ولم يلقه، أو لقيه ولم يسمع منه، أو سمع منه غيرَ ما فيه (١).
قوله: (فَيَقُوْلُ وَجَدْتُ … ) إلى آخره، قال النووي: هذا الذي استقرَّ عليه العمل قديمًا وحديثًا.
قال الجلال: وفي «مسند أحمد» كثير من ذلك من روايةِ ابنه عنه بالوِجادة، وهو من باب المنقطع لكن فيه شائبة اتصالٍ بقوله: وجدتُ بخط فلان، وجازف بعضهم فأطلق فيها حدَّثنا وأخبرنا، ولم يُجِزْ ذلكَ أحدٌ يُعتمد عليه، ووقع في «صحيح مسلم» أحاديث مروية بالوِجادة فانْتُقد عليه بأنَّها من المقطوع؟
وأجيب: بأنَّها مروية عن طُرُقٍ أُخرى له.
قوله: (بِخَطِّ فُلَاْنٍ)؛ أي: إن وَثِقَ بأنَّهُ خطه أو كتابه، وإلَّا قال: بلغني عن فلان، أو وجدت عن فلان، أو ذكرَ أوقال فلانٌ أخبرنا فلان … إلى آخره، وقد تُستعمل الوِجادة مع الإِجازة فيقال: «وجدت
(١) أي غير ما في الكتاب الذي وجده بخط هذا الشيخ.