للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وصرَّح الجمهور بتقديم «صحيح البخاريِّ»، ولم يوجد عن أحدٍ التَّصريح بنقيضه وأمَّا ما نُقِلَ عن أبي عليٍّ النَّيسابوريِّ أنَّه قال: ما تحت أديم

قال البُلقيني: وقد نُقل مثل قول ابن الصلاح عن جماعة من الشافعية، كأبي حامد الإِسْفَرَاييني والقاضي أبي الطيب وأبي إسحاق الشِّيْرَازي وعن السَّرَخسي من الحنفية، والقاضي عبد الوهاب من المالكية، وابن الخَطَّاب وغيره من الحنابلة، وأكثرِ أهل الكلام من الأشعرية، وأهل الحديث قاطبةً، ومذهب السَّلف عامَّةً، بل بالغَ ابن طاهر المقدسي فألحق بهما ما كان على شرطهما وإن لم يخرجاه.

وقيل: يفيدُ الظن ما لم يتواترْ، كحديث غيرهما، وأيده النووي في «شرح مسلم» قال: وتلقي الأمة بالقبول لحديثهما إنَّما أفاد وجوب العمل بما فيهما من غير توقفٍ على النظر فيه، بخلاف غيرهما فلا يُعمل به حتى ينظر فيه وتوجد فيه شروط الصحيح، ولا يلزم من إجماع الأمة على العمل بما فيهما إجماعهم على القطع بأنَّه كلامه . انتهى.

ورَدَّهُ شيخُ الإسلام بأنَّ الخبر المحتف بالقرائن يُفيد العلم خلافًا لمن أبى ذلك، وما أخرجه الشيخان مما لم يبلغ عدد التواتر قد احتف بقرينة جلالتهما في هذا الشأن، وتَقَدُّمِهِما في تمييز الصحيح على غيرهما، وتلقي العلماء لكتابيهما بالقبول، وهذا التلقي وحده أقوى في إفادة العلم من مجردِ كثرة الطرق القاصرة عن التواتر، قال: وما قيل مِن أنَّهم إنَّما اتفقوا على وجوب العمل به لا على صحته ممنوع؛ لأنَّهم اتفقوا على وجوب العمل بكل ما صحَّ ولو لم يخرجاه، فلم يبق للصحيحين في هذا مزيةٌ، والإجماع حاصل على أنَّ لهما مزية فيما يرجع إلى نفس الصحة. انتهى.

قال ابن كثير: وأنا مع ابن الصلاح فيما عوَّلَ عليه وأرشدَ إليه. انتهى. وقال الحافظ السيوطي: وهو الذي أختارهُ ولا أعتقدُ سواه. انتهى.

واستثني من المقطوع بصحته فيهما ما تُكُلِّمَ فيه من أحاديثهما وعدة ذلك مئتان وعشرون حديثًا اشتركا في اثنين وثلاثين، واختصَّ البخاري بثمانين إلَّا اثنين ومسلم بمئة، وسيأتي للشارح كلام في ذلك قريبًا.

قوله: (بِتَقْدِيْمِ صَحِيْحِ البُخَارِي)؛ أي: فهو أصحُّ من مُسلم عند الجمهور؛ أي: المُتَّصِل فيه دونَ التعليق والتراجم، وأكثرُ فوائدَ لما فيه من الاستنباطات الفقهية والنُّكت الحكمية وغير ذلك؛ ولأنَّه أشدُّ اتصالًا وأتقنُ رجالًا كما سيبينه الشارح.

قوله: (عَنْ أَبِي عَلِي النَّيْسَابُوْرِي) هو شيخُ الحاكم.

<<  <   >  >>