للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فليعلم (١) أنَّ تخريج صاحب الصَّحيح لأيِّ راوٍ كان مقتضٍ لعدالته عنده، وصحَّة ضبطه وعدم غفلته، مع ما انضاف لذلك من إطلاق (٢) جمهور الأمَّة على تسمية الكتابين بـ «الصَّحيحين»، وهذا معنًى لم يحصل لغير من خُرِّج عنه في «الصَّحيحين»، فهو بمثابة إطباق الجمهور على تعديل من ذُكِرَ فيهما، ولا يُقبَل الطَّعن في أحدٍ من رواتهما إلَّا بقادحٍ واضحٍ؛ لأنَّ أسباب القدح -كما مرَّ- مختلفةٌ، ومداره هنا على خمسةٍ: البدعة أو المخالفة أو الغلط أو جهالة الحال أو دعوى الانقطاع بالسَّند؛ بأن يُدَّعَىَ في راويه (٣) أنَّه كان يدلِّس ويرسل.

فأمَّا البدعة؛ فالموصوف بها إن كان غير داعيةٍ

عَلَيْهِ … ) إلى آخره، فإنَّ ذلكَ في نفسِ الأحاديثِ وهذا في الرجال، ولِذَا عبَّرَ بلفظ (من) هنا، وبلفظ (ما) هناك.

قوله: (مِنْ إِطْلَاقِ جُمْهُوْرِ الأُمَّةِ) فيهِ ما سبقَ في قوله: (مَعَ إِطْلَاقِ جُمْهُوْرِ الأُمَّةِ) من أنَّ (على) زائدةٌ، أو أنَّ لفظ (إطلاق) مُحَرَّفٌ عن (إطباق).

قوله: (عَلَى تَعْدِيْلِ مَنْ ذُكِرَ فِيْهِمَا) محلُّهُ فيمنْ خرَّجَ له في الأصول، أمَّا مَنْ خرَّجَ له في المتابعات والشواهد والتعاليق فدرجاتهم متفاوتة في الضبط مع حصول اسم الصدق لهم كما سلف، وحينئذٍ فإذا وجدنا لغيره طَعنًا في أحدٍ منهم فذلك الطَّعن مقابلٌ لتعديل هذا الإمام بتخريجه له فلا يقبل إلَّا مبينَ السبب.

قوله: (لِأَنَّ أَسْبَابَ القَدْحِ كَمَا مَرَّ مُخْتَلِفَةٌ … ) إلى آخره؛ أي: فرُبَّمَا ظنَّ ما ليس بقادحٍ قادحًا، وقد وقع من جماعةٍ الطعنُ في جماعةٍ بسبب اختلافهم في العقائد، ولا يعتدُّ بذلك إلَّا بحقٍ، وكذا عابَ جماعةٌ من الورعين جماعةً دخلوا في أمر الدنيا فضعَّفوهم لذلك، ولا أثر له مع الصدق والضبط، وضعَّف بعضهم بعضًا تحاملًا، وغير ذلك مما لا عبرة به.

قوله: (وَيُرْسِلُ) الأَولى التعبيرُ بـ (أوْ).

قوله: (إِنْ كَانَ غَيْرَ دَاعِيَةٍ … ) إلى آخره، محلُّ هذا التفصيل في غير البِدعة المكفِّرة تكفيرًا متفقًا عليه، كما في غُلاة الروافض مِن دعوى بعضهم حلول الإلهية في عليٍّ أو غيره، أو الإيمان برجوعه


(١) في (ص): «فليسلم».
(٢) في (س): «إطباق».
(٣) في (ص) و (م): «الرِّواية».

<<  <   >  >>