قُبِل، وإلَّا فلا، وقال ابن دقيقٍ العيد: إن وافق غير الدَّاعية غيره فلا يُلتَفت إليه؛ إخمادًا لبدعته وإطفاءً لناره، وإن لم يوافقه أحدٌ، ولم يوجد ذلك الحديث إلَّا عنده، مع كونه صادقًا
إلى الدنيا قبل يوم القيامة أو غير ذلك، وليس في الصحيح من حديث هؤلاء شيءٌ البتة، فموضوعُ ذلك التفصيل في البدعة المُفسِّقة كبدع الخوارج والروافض الذين لا يغلون ذلك الغلو، وفي غيرهم من الطوائف المخالفين لأصول السنة خلافًا ظاهرًا، لكنه مستندٌ إلى تأويل ظاهر شائع، وما ذكره الشارحُ من التَّفصيل هو المُعتمد الذي جرى عليه الأئمة، بل ادَّعى ابن حبان إجماعَ أهلِ النقل عليه، وقيل: يُقبل مطلقًا، وقيل: يُرَد مطلقًا، والقائلون بما ذكره الشارح من التفصيل اختلفوا، فبعضهم أطلق كما أطلق الشارح.
وبعضهم زاد تفصيلًا فقال: إن اشتملت رواية غيرِ الدَّاعية على ما يُشيد ببدعته ويُزينها ظاهرًا فلا يقبل وإلَّا قُبل، وطَرَدَ بعضهم هذا التفصيل بعينهِ في عكسهِ في حقِّ الداعية، فقال: إن اشتملتْ روايته على ما تردُّ به بدعته قُبِلَ وإلَّا فلا، ثمَّ هذا الخلاف والتفصيل محله إذا كان ذو البدعة المذكورة معروفًا بالتحرز من الكذب مشهورًا بالسلامة من خوارم المروءة، موصوفًا بالديانة والعبادة، وإلَّا فلا خلاف ولا تفصيلَ في ردِّهِ، ولكن لا من حيثية البدعة، بل من حيثية عدم العدالة.
قوله:(إِنْ وَافَقَ غَيْرُ الدَّاعِيَةِ … ) إلى آخره، صريحهُ أنَّ هذا التفصيلَ الذي ذكرَهُ ابن دقيق العيد خاصٌّ بغيرِ الدَّاعية من المُبتدعة، وعامٌّ في جميع رواياته ما لم يتعلقْ منها ببدعته أصلًا وما كان له بها تعلقٌ، وصريحُ كلامِ الحافظ ابن حجر في «مقدمته» أنَّه عام في الداعية وغيره، خاص بالأول فقط، وعبارته: إذا اشتملت رواية المبتدع سواءٌ كان داعيةً أو لم يكنْ على ما لا تَعَلُّقَ لهُ ببدعتهِ أصلًا هل يُقبل مطلقًا أو يُرَدُّ مُطلقًا؟ مال أبو الفتح القُشَيْرِي إلى تفصيلٍ آخر فيه فقال: إن وافقه غيره فلا يلتفت إليه هو، إخمادًا لبدعته وإطفاء لناره، إلى آخر ما ذكره الشارح.
قوله:(إِجْمَاعًا) كذا في نسختنا، وهو تحريفٌ عن (إخمادًا) كما في عبارة «مقدمة الفتح» المتقدمة، وقد علمتَ ما في ذلك من الخلاف.