يتعسَّر (١) الجمع بين الترجمة والحديث، وهي مواضعُ قليلةٌ. انتهى. هذا الذي قاله الباجيُّ فيه نظرٌ؛ من حيث إنَّ الكتاب قُرِئَ على مؤلِّفه، ولا ريب أنَّه لم يُقرَأ عليه إلَّا مُرَتَّبًا مُبوَّبًا، فالعبرة بالرِّواية، لا بالمُسوَّدة التي ذكر صفتها، ثمَّ إنَّ التَّراجم الواقعة فيه تكون ظاهرةً وخفيَّةً، فالظَّاهرة: أن تكون التَّرجمة دالَّةً بالمُطابَقة لما يورده في مضمَّنها، وإنَّما فائدتها الإعلام بما ورد في ذلك الباب من غير اعتبارٍ لمقدار تلك الفائدة، كأنَّه يقول: هذا الباب الذي فيه كيت وكيت
خفيٍّ، ووافقَ شرطه أورده فيه بالصيغة التي جعلها مصطلحًا لموضوع كتابِه، وهي:«حدَّثنا» وما قام مقام ذلك، والعنعنة بشرطها عنده، وإن لم يجدْ فيه إلَّا حديثًا لا يوافق شرطه مع صلاحيته للحُجَّةِ كتبه في الباب مغايرًا للصيغة التي يسوقُ بها ما هو من شرطه، ومن ثَمَّ أورد التعاليق، وإن لم يجد فيه حديثًا صحيحًا لا على شرطه ولا على شرط غيره وكان مما يُستأنس به ويقدمه قومٌ على القياس استعمل لفظ ذلك الحديث أو معناه ترجمةَ بابٍ، ثم أوردَ في ذلك إما آية من كتاب الله تشهدُ له أو حديثًا يؤيدُ عمومَ ما دلَّ عليه ذلك الخبرُ، وعلى هذا فالأحاديثُ التي فيه على ثلاثة أقسام، وسيأتي تفصيل ذلك مشروحًا. انتهى.
قوله:(فِيْ ضِمْنِهَا) وقعَ في نسخ الطبع (في مضمنها) ولا معنى له إلَّا زيادة حرف الميم عند الجمعِ بلا قصدٍ.
قوله:(مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارٍ لِتِلْكَ الفَائِدَةِ) لو قال: (من غير اعتبار فائدة ما، غير التنبيه على ما يورد فيها) كان أولى، ومراده أنَّه لم يُدرج في طَيِّها شيئًا من النُّكات والفوائد التي أدرجها في بقية التراجم التي هي القسم الخفي.
قوله:(كَيْتَ وَكَيْتَ) كنايةٌ عمَّا يُذكر من الأحاديث وغيرها عند الخليل وسيبويه، وعند ثعلب