للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد تكون التَّرجمة بلفظ المُترجَم له أو ببعضه أو بمعناه، وقد يأتي من ذلك ما يكون في لفظ التَّرجمة احتمالٌ لأكثرَ من معنًى واحدٍ، فيعيِّن أحد الاحتمالين بما يذكره تحتها من الحديث، وقد يوجد فيه عكس ذلك؛ بأن يكون الاحتمال في الحديث، والتَّعيين (١) في التَّرجمة، والتَّرجمة هنا بيانٌ لتأويل ذلك الحديث، نائبةٌ مناب قول الفقيه مثلًا: المراد بهذا الحديث العامِّ الخصوصُ، أو بهذا الحديث الخاصِّ العمومُ؛ إشعارًا بالقياس؛ لوجود العلَّة الجامعة، أو أنَّ ذلك الخاصَّ المراد به ما هو أعمُّ ممَّا يدلُّ عليه ظاهره بطريق الأعلى أو الأدنى، ويأتي في المُطلَق والمُقيَّد نظير ما ذكر في العامِّ والخاصِّ، وكذا في شرح المُشكِل، وتفسير الغامض، وتأويل الظَّاهر، وتفصيل المُجمَل، وهذا الموضع هو معظم ما يشكل من تراجم «البخاريِّ»؛ ولذا اشتُهِر من قول جمعٍ من الفضلاء: فقه البخاريِّ في تراجمه، وأكثر ما يفعل ذلك إذا لم يجد حديثًا على شرطه في الباب ظاهر المعنى في المقصد الذي يترجم به، ويستنبط الفقه منه، وقد يفعل ذلك لغرض شحذ الأذهان في إظهار مُضمَره واستخراج خَبِيئه، وكثيرًا ما يفعل ذلك، أي هذا الأخير

ومن تبعه أنَّ كيت وكيت كناية عن الأفعال، وذي وذيت كناية عن المقال، والأصل كيه وذيه لكنه أُبْدِلَ من الهاء تاءٌ وفُتِحَتْ لالتقاء الساكنين وطلبًا للتخفيف.

قوله: (تَحْتَهَا)؛ أي: الترجمة؛ أي: فيها.

قوله: (بِأَنْ يَكُوْنَ الاحْتِمَالُ فِيْ الحَدِيْثِ)؛ أي: بأن يكونَ عامًّا مخصوصًا أو خاصًّا مُرادًا به العموم.

قوله: (بِطَرِيْقِ الأَعْلَى أَوْ الأَدْنَى)؛ أي: بطريقِ القياسِ الأعلى وهو الأولوي، ويُسْمَى الجَليَّ كقياس الضربِ على التأفيف في التحريم، والأدنى ويسمى بالأدون والخفي، كقياس التفاح على البُرِّ في الرِّبَا، ويقال له: قياس الشَّبَه، وأمَّا المُساوي، ويقال له الواضح، فكقياس إحراقِ مالِ اليتيم على أكله في التحريم.

قوله: (شَحْذِ الأَذْهَانِ) بفتح الشين المعجمة وسكون الحاء المهملة وبالذال المعجمة؛ أي: تقويتها من شَحَذْتُ المُدْيَةَ أَشْحَذُهَا بفتحتين: أَحْدَدْتُهَا.

قوله: (أَيْ هَذَا الأَخِيْرَ) يريدُ تفسيرَ الغامضِ وتأويلَ الظَّاهِرِ.


(١) في (م): «والتَّعبير»، وفي (ص): «التَّبيين».

<<  <   >  >>