حيث يذكر الحديث المفسِّر لذلك في موضعٍ آخرَ متقدِّمًا أو متأخِّرًا، فكأنَّه يُحيلُ عليه ويومئ بالرَّمز والإشارة إليه، وكثيرًا ما يترجم بلفظ الاستفهام، كقوله: باب هل يكون كذا؟ أو: من قال كذا؟ ونحو ذلك. وذلك حيث لا يتَّجه له الجزم بأحد الاحتمالين، وغرضه: بيان هل ثبت ذلك الحكم أو لم يثبت، فيترجم على الحكم ومراده ما يُفسَّر (١) بَعْدُ من إثباته أو نفيه، أو أنَّه محتملٌ لهما، وربَّما كان أحد المُحتمَلين أظهر، وغرضه أن يبقيَ للنَّاظر مجالًا، وينبِّه على أنَّ هناك احتمالًا أو تعارضًا يوجب التَّوقُّف حيث يعتقد أنَّ فيه إجمالًا، أو يكون المدرَك مختلفًا في الاستدلال به، وكثيرًا ما يترجم بأمرٍ ظاهرٍ قليل الجدوى، لكنَّه إذا تحقَّقه المتأمِّل أجدى؛
قوله:(مَا يُفَسرُ)؛ أي: الذي يُفسره وعبارة «مقدمة الفتح»: ما يتفسرُ، وفي نسخٍ (مَا يَتَيَسَرُ).
قوله:(أنَّ فِيْهِ إِجْمَالًا) كذا في نسختنا، ولعلَّها احتمالًا كما هي عبارة «المقدمة الفتحية».
قوله:(أَوْ يَكُوْنُ المُدْرَكُ) قال في «المصباح»: والمُدْرَك بضم الميم يكون مصدرًا واسم زمان ومكان، تقول: أَدْرَكْتُهُ مُدْرَكًا؛ أي: إِدْرَاكًا، وهذا مُدْرَكُهُ؛ أي: موضعُ إِدْرَاكِهِ وزمنُ إِدْرَاكِهِ، ومَدَارِكُ الشَّرْعِ مواضعُ طلبِ الأحكامِ، وهي حيثُ يُستدلُّ بالنصوص والاجتهاد من مَدَارِكِ الشرعِ، والفقهاءُ يقولون في الواحد: مَدْرَكٌ، بفتح الميم وليس لتخريجه وجهٌ، وقد نصَّ الأئمةُ على طردِ البابِ فيُقال: مُفعل بضم الميم من أفعل، واستُثْنِيتْ كلماتٌ مسموعةٌ خرجتْ عن القياس، قالوا: المَأْوَى، مِن آويتُ، ولم يُسمعْ فيهِ الضَّمُّ، وقالوا: المَصْبَحُ والمَمْسَ لموضع الإصباح والإمساء ولوقته من أصبح وأمسى، والمَخْدَعُ من أَخْدَعْتُهُ أَوْثَقْتُهُ، أو حَمَلْتُهُ على المُخَادعة، وأجْزَأْتُ عنك مُجْزَأَ فُلانٍ، بالضم في هذه على القياس، وبالفتحِ شذوذًا، ولم يذكروا: المُدرَك فيما خرجَ عن القياس، فالوجهُ الأخذ بالأصول القياسية حتى يصحَّ سماعٌ، وقد نَظَمْتُ ذلكَ فقلتُ: