وسامروا المحابر، وأجالوا في نظم قلائده أفكارَهم، وأنفقوا في تحصيله أعمارَهم، واستغرقوا لتقييده ليلَهم ونهارَهم، فأبرزوا تصانيفَ كَثُرَت صنوفُها، ودوَّنوا دواوين ظهرت شفوفها، فاتَّخذها العالَمُون قدوةً،
الصُّحف المضمومة.
وفي «المصباح»: الدَّفتر: جريدة الحساب، وكَسْرُ الدَّال لغةٌ حكاها الفرَّاء وهو عربيٌّ، قال ابن دُريد: ولا يُعرف له اشتقاق، وبعض العرب يقول تفتر. انتهى.
وفي «شفاء الغليل»: الدَّفتر: عربيٌّ صحيح وإن لم يُعْرف اشتقاقه، وجعله الجوهريُّ واحد الدَّفاتر، وهي الكراريس. انتهى.
قوله:(وسَامَرُوا المَحَابِرَ) من المُسَامرة، وهي الحديث ليلًا، كُنِّيَ به عن الملازمة، والمحابر: بالمهملة -جمع محبَرة بفتح الباء- موضع الحبر، قال في «القاموس»: وحُكي فيها مَحْبَرَة كمقبرة، وتُشدَّد الراء.
وفي نسخةٍ:(وسابر) بالموحدة بدل الميم من المسابرة؛ وهي اختبار الشَّيء، كُنِّي به عن الملازمة والمصاحبة.
قوله:(ظَهَرَت شُفُوفُهَا) الشُّفُوف بضمِّ الشِّين المعجمة والفاء جمع شفّ بالفتح وبكسر؛ الثَّوب الرَّقيق، فَتَجَوَّزَ بِهِ عن الثَّوب الَّذي يُتزيَّن به، فيكون المعنى ظهرت زينتها وبهجتها، أو عن الأوراق أو الجلود ثمَّ تجوَّز بها عمَّا تضمَّنته من الأحاديث والأحكام، فيكون المعنى: ظهر وانتشر في الأقطار ما فيها.
قوله:(العَالَمُونَ) بفتح اللَّام جمع عَالَم بالفتح أيضًا، وما بعده بالكسر جمع عالم ولا مانع من العكس، و (القُدْوَةُ) بضمِّ القاف: الاقتداء.