للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بن صَبيح وسعيد بن أبي عَروبة وغيرهما، وكانوا يصنِّفون كلَّ بابٍ على حِدَةٍ، إلى أن انتهى الأمر إلى كبار الطَّبقة الثَّالثة، وصنَّف الإمام مالك بن أنس «الموطَّأ» بالمدينة، وعبد الملك بن جريجٍ بمكَّة، وعبد الرَّحمن الأوزاعيُّ بالشَّام، وسفيان الثَّوريُّ بالكوفة، وحمَّاد بن سلمة بن دينارٍ بالبصرة، ثمَّ تلاهم كثيرٌ من الأئمَّة في التَّصنيف، كلٌّ على حسب ما سَنَحَ له،

بن سلمة بالبصرة، وسفيان الثَّوريُّ بالكوفة، والأوزاعيُّ بالشَّام، وهُشيم بواسط، ومَعْمَر باليمن، وجرير بن عبد الحميد بالرّيِّ، وابن المبارك بخراسان. قال العراقيُّ وابن حجر: وكان هؤلاء في عصر واحد فلا يُدرى أيُّهُم سبق. ثمَّ تلا المذكورين كثير من أهل عصرهم إلى أن رأى بعض الأئمَّة أن تُفرد أحاديث النَّبيِّ خاصَّة وذلك على رأس المئتين؛ فصنَّف عُبيد الله بن موسى الكوفيُّ مسندًا، وصنَّف مُسَدَّد البصريُّ مسندًا، وأسد بن موسى مسندًا، ونُعيم بن حمَّاد الخزاعيُّ المصريُّ مسندًا، ثمَّ اقتفى الأئمَّة آثارهم، فقلَّ إمام إلَّا وصنَّف حديثه على المسانيد كأحمد ابن حنبل وإسحاق بن رَاهُوْيَه وابن أبي شيبة وغيرهم.

قال: قلت: وهؤلاء المذكورون في أوَّل مَن جَمَعَ كُلُّهُم في أثناء المئة الثَّانية، وأما ابتداء تدوين الحديث فإنَّه وقعَ على رأس المئة في خلافة عُمر بأمره. انتهى ملخصًا. ثم قال بعد ذلك بأسطر: قال في فتح الباري: يُستفاد من ذلك ابتداء تدوين الحديث النَّبويِّ، ثمَّ أفاد أنَّ أوَّل من دوَّنه بأمر عمر ابن عبد العزيز ابنُ شهاب الزُّهريُّ. انتهى.

أقول: فلعلَّ ابن شهاب أوَّلُ مَن جمع على الإطلاق، ثمَّ تبعه هؤلاء أو أنَّه جَمع جمعًا مطلقًا من غير ترتيب على أبواب، وهؤلاء جمعوا مع التَّبويب فيكون هو أوَّلُ من جمع مطلقًا وأولئك أوَّل من جمع مبوَّبًا.

قوله: (مَا سَنَحَ لَهُ) بمهملتين؛ أي: عَرَضَ.

<<  <   >  >>