وانتهى إليه علمه، فمنهم من رتَّب على المسانيد (١)، كالإمام أحمد ابن حنبل، وإسحاق بن رَاهُوْيَه، وأبي بكر ابن أبي شيبة، وأحمد بن منيعٍ، وأبي خيثمة، والحسن بن سفيان، وأبي بكرٍ البزَّار وغيرهم، ومنهم من رتَّب على العلل؛ بأن يجمع في كلِّ متنٍ طرقَه واختلافَ الرُّواة فيه، بحيث يتَّضح إرسال ما يكون متَّصلًا، أو وقف ما يكون مرفوعًا أو غير ذلك، ومنهم من رتَّب على الأبواب الفقهيَّة وغيرها، ونوَّعه أنواعًا، وجمع ما ورد في كلِّ نوعٍ وفي كلِّ حكمٍ إثباتًا ونفيًا في بابٍ فبابٍ، بحيث يتميَّز ما يدخل في الصَّوم مثلًا عمَّا يتعلَّق بالصَّلاة، وأهل هذه الطَّريقة منهم من تقيَّد بالصَّحيح كالشَّيخين وغيرهما، ومنهم من لم يتقيَّد بذلك كباقي الكتب
قوله:(على المسانيد) جمع مُسند، وهو لغةً اسم مفعول من السَّند، واصطلاحًا: ما اتَّصل إسناده من راويه إليه ﷺ. يُطلق على الكتاب الَّذي جمع فيه ما أسنده الصَّحابيُّ؛ -أي: رواه- والمعنى أنَّ منهم من جَعل كتابه مرتَّبًا بحسب ما يذكره من أسانيد الصحابة كـ «مسند الإمام أحمد» فإنَّه كتاب ذَكر فيه مسانيد الصحابة كذلك فيقول فيه: مسند أبي بكر؛ أي: ما رواه أبو بكر عن النَّبيِّ ﷺ، ويذكر أحاديثه في محلٍّ واحد، فإذا فرغ منها يقول: مسند عمر، وهكذا فيذكر جميع الأحاديث المسندة إلى مثل الصِّدِّيق ولا يفصل بينها بحديث مسند إلى صحابيٍّ آخر.
قوله:(بِحَيْثُ يَتَّضِحُ إِرْسَالُ مَا يَكُوْنُ مُتَّصِلًا)؛ أي: بحسب الظَّاهر، وكذا يُقال فيما بعده وذلك كأن يقول: حدَّثنا فلان عن فلان عن فلان التَّابعيِّ عن النَّبيِّ ﷺ بكذا، ويُسقط الصَّحابيَّ ويسوق طرقًا لهذا الحديث كلَّها مُسقطةٌ للصَّحابيِّ، ثمَّ يسوق طريقًا واحدًا فيه الوصل فيُعلَم بذلك وبقرائن أخر تقوم عندهم أنَّ وصله غلطٌ وأنَّه مرسل، وكذا يُقال في وقف المرفوع ونحو ذلك.
قوله:(وغيرها)؛ أي: كـ «الموطأ» و «صحيح سعيد بن السَّكن» و «المنتقى» لابن الجارود.
وقوله:(وَمِنْهُم مَنْ لَمْ يَتَقيّدْ بِذَلِكَ)؛ أي: بالصَّحيح، بل ذكر معه الحسن.
وقوله:(كَبَاقِي الكُتُب السِّتَّةِ) هي «سنن: أبي داود والتِّرمذيِّ والنَّسائيِّ وابن ماجه» وهم على