للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

السِّتَّة، وكان أوَّلَ من صنَّف في الصَّحيح: محمَّدُ بن إسماعيلَ البخاريُّ،

هذا التَّرتيب في الصِّحة. و (ماجه) ونحوه كسَنْدَه ومَنْدَه ومَرْدَوَيْه وابن رَاهُوْيَه أعلامٌ أعجميةٌ وُضعت على السكون وصلًا ووقفًا، وتُعرب بحركات مقدَّرة على آخرها مَنَعَ من ظهورها اشتغال المحل؛ لسكون الحكاية، لكن حركة الجرِّ فتحة نائبة عن الكسرة؛ لمنعها من الصَّرف للعلمية والعُجمة، والمراد بالحكاية حكاية حال وضعها.

واعلم أنَّ المراد بـ «سنن النَّسائيِّ» (١) المعدودة في الكتب السِّتَّة الصَّحيحة هي الصُّغرى؛ فإنَّ له اثنتين كما صرَّح بذلك التَّاج ابن السُّبكيُّ: ولمَّا صنَّف الكبرى أهداها لأمير الرَّملة فقال له: كلُّ ما فيها صحيح؟ فقال: لا، فقال: ميِّز لي الصَّحيح من غيره، فصنَّف له الصُّغرى.

تنبيه: المراد بكون نحو «الموطَّأ» مُتقيِّدًا بالصَّحيح على ما قرَّرنا به كلام الشَّارح أنَّه لا يُخرج إلَّا الصَّحيح عنده وعند من يُقلِّده على ما يقتضيه نظره من الاحتجاج بالمُرسل والمنقطع وغيرهما لا على الشَّرط الَّذي ذكره في تعريف الصَّحيح، كما قاله شيخ الإسلام فلا ينافي ما قاله العراقيُّ مِن أنَّ مالكًا لم يُفْرِد الصَّحيح بل أدخل فيه المرسل والمنقطع والبلاغات، ومن بلاغاته أحاديث لا تُعرف كما ذكره ابن عبد البرِّ. انتهى.

والبخاريّ: وإن وجد مثل ذلك في كتابه في مواضع إلَّا أنَّها مُتَّصلة في مواضع أخر منه.

قوله: (أَوَّلُ مَنْ صَنَّفَ فِي الصَّحِيْحِ … ) إلى آخره، اعترضَ بأنَّ مالكًا أوَّل من صنَّف الصَّحيح، وتلاه أحمد ابن حنبل، وتلاه الدَّارميُّ، وأُجيب بأنَّ المراد الصَّحيح المجرَّد؛ أي: الَّذي لم يُذكر معه غيره، أو الصَّحيح المُجمع على صحَّته.

والسَّبب في تصنيف البخاريِّ صحيحَه ما رواه عنه إبراهيم بن معقل النَّسفيُّ قال: كنَّا عند إسحاق ابن رَاهُوْيَه فقال: لو جمعتم كتابًا مختصرًا لصحيح سُنَّة النَّبيِّ ، قال: فوقع ذلك في قلبي فأخذت في جمع الجامع الصَّحيح. وعنه أيضًا قال: رأيتُ النَّبيَّ وكأنَّني واقفٌ بين يديه


(١) في الأصلين الخطِّيَّين والمطبوع: سنن أبي داود، وهو سبق قلم.

<<  <   >  >>