للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عددٌ تحيل العادة تواطؤهم على الكذب من ابتدائه إلى انتهائه،

وفي الاصطلاح ما ذكره الشَّارح بقوله: الَّذي يرويه … ، أي: الحديث الَّذي يرويه … إلى آخره.

قال بعضهم: ومن حقِّ هذا الخبر أن يُقال له: المتواصل؛ لأنَّ المتواتر من الوِتر، وهو أن يأتي واحد بعد واحد مع نوع انقطاع بينهما، حتَّى قال بعض أهل اللُّغة: من لحن العوام تواترت كتبك، يريدون: تواصلت، بل لا يقال إلَّا عند عدم التَّواصل كذا في حواشي «اللُّقطة الياسينيَّة»، والظَّاهر: أنْ لا وجه لذلك؛ إذ لا مشاحَّة في الاصطلاح ولا يلزم على الرَّاجح وجود مناسبة بين المعنى اللُّغويِّ والاصطلاحيِّ.

قوله: (عَدَد)؛ أي: بلا حصر في قدرٍ مخصوصٍ على ما عليه الجمهور؛ لأنَّ الاعتقاد يتقوَّى عند الإخبار بتدريج خفيٍّ إلى أن يحصل اليقين، والقوَّة البشريَّة قاصرة عن ضبط عدد يحصلُ عنده ذلك وأقلُّه خمسة فلا يكفي أربعة.

قال في «جمع الجوامع» و «شرحه»: ولا يكفي الأربعة وفاقًا للقاضي الباقلاني والشَّافعيَّة؛ لاحتياجهم إلى التَّزكية فيما لو شهدوا بالزِّنا، وما زاد عليها صالح من غير ضبط بعدد معين، وقال الإصطخريُّ: أقلُّه عشرة؛ لأنَّ ما دونها آحاد، وقيل: اثنا عشر، وقيل: عشرون، وقيل: أربعون، وقيل: سبعون. انتهى.

وتوقُّفهم في عدم كفاية الأربعة مطلقًا؛ لاقتضائه عدم صلاحية الأئمَّة الأربعة بل الخلفاء الأربعة، ثمَّ قال: إلَّا أن يراد عدم الكفاية من حيث مجرد الكثرة، فلا ينافي أنَّ نحو الخلفاء الأربعة يكفي باعتبار نحو أحوالهم. انتهى.

ولا شكَّ أنَّ العدد الَّذي يُؤْمن تواطؤه على الكذب يختلف باختلاف الناس.

وقوله: (تُحِيْلُ العَادَةُ) التَّعويل على العادة في ذلك هو ما صَرَّحَ به جمع من المحقِّقين، فالقول بالتَّعويل على العقل وهمٌ أو مؤوَّلٌ، قاله شيخ الإسلام؛ أي: بأنَّ العقل يحكم بالاستحالة بالنَّظر إلى العادة لا بالنَّظر إلى التَّجويز العقليِّ مجرَّدًا عنها، فإنَّه لا يرتفع وإن بلغ العدد ما بلغ لكنَّ ذلك التَّجويز لا يمنعُ حصول العلم العاديِّ.

قوله: (مِن ابْتِدَائِهِ) متعلقٌ بعددٍ؛ أي: كائن ذلك العدد من ابتدائه؛ -أي: الخبر- إلى انتهائه إن تعددت طبقاته، فيُشترط كونُ كلِّ طبقة جمعًا يؤمن تواطؤهم على الكذب؛ ليفيد خبرهم العلم بخلاف ما إذا لم يكونوا كذلك في غير الطَّبقة الأولى فلا يفيد خبرهم العلم، قال المحليُّ: ومن هنا تبيَّن أنَّ المتواتر في الطَّبقة الأولى قد يكون آحادًا فيما بعدها وهذا مجمل القراءة الشَّاذَّة. انتهى.

<<  <   >  >>