والجلوس في الأسواق، أو صيانة النَّفس عن الأدناس أو ما يُشين عند النَّاس، أو آداب نفسانيَّة تحمل مراعاتها الإنسان على الوقوف عند محاسن الأخلاق وجميل العادات، يقال: مرؤ الإنسان فهو مرئ كقُرُب فهو قريب كما في «المصباح» وكلُّها قريبة المعنى لكنَّها بعيدة المرمى ولله درُّ من قال:
ولا بدَّ منْ شكوى إلى ذيْ مروءةٍ … يُوَاسِيْكَ أَوْ يُسليكَ أو يتوجعُ فقلت:
ولا تشكُ منْ خبٍّ ألمَّ إلى فتىً … وكنْ صابرًا فالصَّبرُ للحرِّ أنفعُ
فمَا منْ فتىً تَلقى بهِ مِنْ مروءةٍ … يواسيكَ أو يُسليكَ أو يتوجَّعُ
ثُمَّ المرادُ بالعدل هنا عدل الرِّواية: وهو المسلم البالغ العاقل السَّالم من الفسق بارتكاب كبيرة أو إصرار على صغيرة، لا عدلُ الشهادة فلا يختصُّ بالذَّكَر الحرِّ بل يعمُّ الأنثى ومن فيه رقٌّ، فخرج الفاسق بما ذكر، والمجهول عينًا كحدَّثنا رجل؛ لأنَّه لا يقال عدل إلَّا لمعيَّن إذ هو حكم، والحكم على الشَّيء فرعٌ عن تصوُّره، ما لم يصفه نحو الشَّافعيّ من أئمَّة الحديث الرَّاوي عنه بقوله: الثِّقة، كقول الشَّافعيِّ كثيرًا: أخبرني الثِّقة، وكذا مالك قليلًا أو يقول فيه: مَن لا أتهم، كقوله: أخبرني من لا أتَّهمه، فيُقبل فيهما خلافًا للصَّيرفيِّ، وخَرَجَ أيضًا المجهول حالًا؛ كحدَّثنا زيد، ولا يُعرف منه إلَّا أنَّه ابن عمرو ولم ينصَّ أحدٌ من أهل الحديث على توثيقه أو تجريحه.
تنبيه: ظاهر تعبير الشَّارح بـ «عدول» جمعًا أنَّه لا بدَّ فيه من أن يرويه جماعة ضابطون عن جماعة ضابطين إلى منتهاه، وليس كذلك على الصَّحيح بل الشَّرط أن يرويه عدل ضابط عن مثله إلى منتهاه، كما عبَّرَ به ابن الصَّلاح، والشَّارح نظر إلى مجموع سلسلة السَّند فجَمَعَ.