للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لا يُعلَم مَخْرَجُ الحديث منها، فلا يسوغ الحكم بمَخْرَجه، فالمعتبر الاتِّصال

وقوله: (لا يعلم … ) إلى آخره، خبر المنقطع.

وأمَّا قوله: (لا يُسوغ) فالظَّاهر أنَّ له فاء سقطت ولا يسوغ سقوطها، إذ المعنى أنَّه يترتَّب على عدم معرفة السَّاقط منها عدم جواز الحكم على مَخْرجها بالحُسن؛ لتوقفه على الاتِّصال المتوقِّف على معرفة جميع الرِّجال، أو الباء في (بمخرجه) سببيَّة والكلام على تقدير مضاف؛ أي: بسبب جهل مَخْرَجِهِ لا يسوغ الحكم عليه … إلى آخره.

ثمَّ ما ذكره الشَّارح من التَّعريف أصله للخطَّابيِّ، واعترضه ابن دقيق العيد بصدقه على الصَّحيح، وأُجيب: بأنَّ الصَّحيح أخصُّ من الحسن، ودخول الخاصِّ في حدِّ العامِّ ضروريٌّ، والتَّقييد بما يخرجه عنه مخلٌّ بالحدِّ له، وهذا مبنيٌّ على طريق المتقدمين من جواز التَّعريف بالأعمِّ، لكنَّ الشَّارح سيأتي بقوله (وَشُهْرَةُ رِجَالِهِ بِالْعَدَالَةِ … ) إلى آخره، عاطفًا له على قوله (فَالْمُعْتَبَرُ الاتِّصَالُ) فسَلِمَ كلامه من ذلك، إلَّا أنَّه قاصرٌ على أحد شِقَّي الحسن وهو الحسن لذاته غير شاملٍ للحسن لغيره، ولذا لم يرتضِ ذلك ابن الصَّلاح، وقال ما حاصله: قد أمعنتُ النَّظر في ذلك جامعًا بين أطراف كلامهم ملاحظًا مواقع استعمالهم فاتَّضح لي أنَّ الحسن قسمان؛ أحدهما وهو المسمَّى بالحسن لغيره ما في إسناده مستورٌ لم تتحقَّق أهليَّته غير أنَّه ليس مغفَّلًا ولا كثير الخطأ فيما يرويه ولا متَّهمًا بالكذب فيه ولا يُنسب إلى مفسِّق آخر واعتضد بمتابع أو شاهد، وثانيهما وهو المسمَّى بالحسن لذاته ما اشتهر رواته بالصِّدق والأمانة ولم يصلْ في الحفظ والإتقان مرتبة رجال الصَّحيح، قال: وعليه ينزل حدُّ الخطَّابيِّ ويزاد في كلٍّ منهما سلامته من التَّعليل والشُّذوذ. انتهى.

أي: لتتمَّ الشُّروط الخمسة الَّتي للصَّحيح، وهي الاتِّصال، وكون راويه عدلًا، وكونه ضابطًا، وعدم الشُّذوذ والتَّعليل.

قال ابن جماعة: ويرد على الأوَّل من القسمين الضَّعيف والمنقطع والمرسل الَّذي في رجاله مستور، وروي مثله أو نحوه من وجه آخر، وعلى الثَّاني المرسل الَّذي اشتهر راويه بما ذكر فإنَّه كذلك وليس بحسنٍ في الاصطلاح، قال: ولو قيل: الحسن كلُّ حديث خالٍ عن العلل وفي سنده المتَّصل مستور له به شاهد أو مشهور قاصر عن درجة الإتقان لكان أجمع وأخصر. انتهى.

وحدَّ شيخ الإسلام الصَّحيح لذاته بما نقله عدل تامُّ الضَّبط متَّصل السَّند غير معلَّل ولا شاذٍّ، ثمَّ قال: فإنْ خفَّ الضَّبط فهو الحسن لذاته. فشَرَّك بينه وبين الصَّحيح في الشُّروط إلَّا تمام الضَّبط، ثمَّ

<<  <   >  >>