والجمهور، واحتجَّ به أبو حنيفة ومالكٌ وأحمد في المشهور عنه، فإن اعتُضِدَ بمجيئه من وجهٍ آخر مسندًا،
وقوله:(وَالجُمْهُوْر)؛ أي: جمهور المحدثين وكذا عند كثير من الفقهاء والأصوليين، وذلك للجهلِ بحال الساقطِ فيحتمل أن يكون غير صحابي؛ لأن أكثر رواية التابعين بعضهم عن بعض، وحينئذ احتمل أن يكون ضعيفًا، ولو اتفق أن الذي أرسله كان لا يروي إلَّا عن ثقة فإنَّ التوثيق في المُبْهَمِ غيرُ كافٍ، وإذا كان المجهول المُسمى غير مقبولٍ فالمجهول عينًا وحالًا أولى، قال السيوطي: ولهذا لم يُصَوَّبْ قولُ من قال: المرسل ما سقط منه الصحابي؛ إذ لو عُرِفَ أنَّ الساقطَ صحابيٌّ لم يُرَدَّ؛ لأنَّهم كلهم عدول. انتهى.
وحينئذ فقول متن البيقوني:
ومرسلٌ منهُ الصحابيُّ سقطَ … ... … ...
ليسَ على ما ينبغي، وعبارة شارحنا خالية عن ذلك إذ لم يتعرض فيها للساقط.
قوله:(فِيْ المَشْهُوْرِ عَنْهُ)؛ أي: عن أحمد، وقد علمت أنَّ له قولًا آخر بعدم الاحتجاج به كالشافعي، وكذا الإمام مالك، فلو قال الشارح في المشهور عنهما لكان أحسن.
قال البقاعي: واحتجاج مالك وغيره بالمرسل مقيَّدٌ بأن يكون التابعي لا يروي إلَّا عن الثقات فقط، فإن كان ممَّن لا يحترز ويرسل عن غير الثقات فلا خلاف في رَدِّهِ. انتهى.
وهو منقول عن ابن عبد البر.
وقال غيره: محل قبوله عند الحنفية إذا كان مرسِلُه من أهل القرون الثلاثة الفاضلة؛ لحديث:«خَيْرُ الْقُرُونِ قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ يَفْشُو الْكَذِبُ»، ورُدَّ بأنَّ الحديث محمول على الغالب، وإلَّا فقدْ وُجِدَ في القرنين من هو متصفٌ بالصفات المذمومة.
قوله:(مُسْنَدًا) صوَّر الرازي وغيره من أهل الأصول المسنَد العاضد بأن لا يكون مُنْتَهِضَ الإسناد ليكون الاحتجاج بالمجموع، وإلَّا فالاحتجاج حينئذ بالمسنَد فقط ولا حاجة للمرسَل.