للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رُوِّينا عن ابن مسعودٍ قال: قال رسول الله : «نضَّر اللهُ امرءًا سمع مقالتي، فحفظها ووعاها وأدَّاها، فَرُبَّ حامل فقهٍ إلى مَنْ هو أفقه منه» رواه الشَّافعيُّ والبيهقيُّ،

قوله: (نَضَّرَ اللهُ امْرءًا) امرؤ مُنَكَّرُ المرءِ؛ فإنَّه إذا دخل عليه الألف واللَّام سقطت الهمزة الَّتي كانت في أوله قبل دخولهما، قال ابن الطَّيّب: لأنَّ ألف الوصل إنَّما تدخل في (مرء) و (مرأة) إذا كانتا نَكِرَتين، وسُكِّن أوَّلهما من أجل حركة الإتْباع عند اجتماع السَّاكنين، وإذا عُرِّفَا بالألف واللَّام رُدَّا إلى الأصل فحُرِّك أوَّلُهُمَا واستُغني عن ألف الوصل فيهما وسقطت حركة الإتْباع من وَسَطِهِما؛ لذهابِ السَّاكنين كما يُفعل بالبنين والبنات، قال ابن دَرَسْتُوَيه: هكذا الاستعمال في المرء والمرأة؛ لأنَّهما اسمان صحيحان، فأمَّا سائر الأسماء الَّتي في أوَّلها ألف الوصل كابن وابنة فإنَّ التَّعريف يدخل عليها مع تسكين أوَّلها؛ لأنَّها معتلَّةٌ محذوفة الأواخر. انتهى.

قال القزَّاز: ومن العرب من يقول هذا الامرء الصَّالح، وهذه الامرأة. انتهى.

ثمَّ هو لا يُطلق على الأنثى إلَّا مجازًا، وما نقله ابن الأعرابيِّ أنَّه يُقال للأنثى «امرؤ» صريح بغرابته ونُدرته في «المُحكم» وغيره، ولا يجمع من لفظه لا جمعَ سلامة ولا جمع تكسير، وإنَّما يُثَنَّى فيقال: «مرآن» بإسقاط الألف أوَّله كما نبَّه عليه الجوهريُّ، وقال في «الفصيح»: وتقول: هو امرؤ وامرآن وقوم وامرأة ونسوة، قال شرَّاحه: يعني: أنَّ امرأً وامرأةً لا يُجمعان بلفظهما ولكن يستغنى عن ذلك بقوم ونسوةٍ، وهكذا استعمال العرب وهو خلاف القياس؛ لأنَّ امرأً وامرأةً اسمان بمنزلة ابن وابنة أولهما مسكن وألف الوصل داخل عليهما ومع ذلك جمعوهما على لفظهما فقالوا: أبناء وبنون ولكن تُرِك القياس فيهما. انتهى.

وقيل: سُمع جمع «المرء» على «مرؤون»؛ إلحاقًا له بجمع المذكَّر السَّالم، كأنَّهم اعتبروا فيه معنى الوصفيَّة بالمروءة من قال ذلك قال في المرأة أيضًا: «مَرَات» بحذف ألف الوصل وفتح الميم على الأصل، وقيل: في «المرأة» أيضًا «مَرَة» بحذف الهمزة ونقل حركتها إلى الرَّاء، والامرأة بدخول (ال) على امرأة المقرون بهمزة الوصل لكنَّها لغة ضعيفة، ومَرْأَةٌ كفتاةٌ كما في «إصلاح المنطق» وامراةٌ بألف بعد الرَّاء غير مهموز كما في «شرح الفصيح».

وإذا صُغِّرَ المرء والمرأة سقطت منهما ألف الوصل فقيل مُرَيْء ومريئة، قال الشَّاعر:

تَعَرَّضَتْ مُرَيْئَةُ الحَيَّاكِ … لناشئٍ دَمَكْمَكٍ نَيَّاكِ

<<  <   >  >>