للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكذا أبو داود والتِّرمذيُّ بلفظ: «نضَّر اللهُ امرءًا سمع منَّا شيئًا فبلَّغه كما سمعه، فَرُبَّ مُبلَّغٍ أوعى من سامعٍ»، وقال التِّرمذيُّ: حسنٌ صحيحٌ، وعن أبي سعيدٍ الخدريِّ ، عن النَّبيِّ أنَّه قال في حجَّة الوداع: «نضَّر اللهُ امرءًا سمع مقالتي فوعاها، فَرُبَّ حامل فقهٍ ليس بفقيهٍ … » الحديثَ، رواه البزَّار بإسنادٍ حسنٍ، وابن حبَّان في «صحيحه» من حديث زيد بن ثابتٍ ، وكذا رُوِي من حديث معاذ بن جبلٍ والنُّعمان بن بشيرٍ وجُبير بن مُطعمٍ وأبي الدَّرداء وأبي قِرصافة، وغيرهم من الصَّحابة ، وبعض أسانيدهم صحيحٌ، كما قاله المنذريُّ، وقوله: «نضَّر الله» بتشديد الضَّاد المُعجمَة وتُخفَّف، والنُّضْرة: الحُسْن والرَّونق.

والنسبة إليه «مَرَئي» بفتح الراء -كما قاله الجوهريّ- وكذا النِّسبة إلى امرئ القيس ممن لُقِّبَ بذلك من الصَّحابة والشُّعراء جميعًا إلَّا ابن حُجْر الملك الضَّليل الشَّاعر الشَّهير فالنسبة إليه مرقسيّ كما نصَّ عليه في «القاموس» في باب السِّين، فاغتنم هذه الفوائد فإنَّها من ذخائر الفرائد.

قوله: (وَوَعَاهَا) في «القاموس»: وَعَى الشَّيءَ: حفظه وجمعه. انتهى.

فيُحتمل أن يكون ما هنا من الأوّل ويكون المراد بأحد الحفظين الاستحضار عن ظهر قلب وبالآخر عدم التَّفريط فيه، وأن يكون من الثَّاني ويكون المراد جمعُ ما تفرَّقَ منها أو جمعُ معانيها.

وقوله: (وَأَدَّاهَا)؛ أي: ألقاها إلى غيره وبلَّغها إياه.

قوله: (كَمَا سَمِعَهَا)؛ أي: من غيرِ تغييرٍ ولا زيادة ولا نقص لا في اللَّفظ ولا في المعنى، وهذا ممَّا اسْتُدِلَّ به على عدم جواز الرِّواية بالمعنى، وسيأتي بسط ذلك إن شاء الله تعالى.

قوله: (فَرُبَّ مُبَلَّغٍ) بفتح اللَّام: اسم مفعول.

وقوله: (أوعى)؛ أي: أحفظْ؛ أي: رُبَّ شخصٍ بلَّغه غيرُه الحديثَ يكون أحفظ ممَّن بلَّغه فينتفع هو ويُبلِّغ غيره وهكذا.

قوله: (والنُّضْرَة الحُسَن)؛ أي: ونَضَّرَ: مشتقٌ منه، فمعناه حسَّن الله … إلى آخره، والفعل منه كنَصَر

وكَرُمَ وفَرِحَ، ويُقال: نَضَّرهُ الله، ونَضَرَهُ، مُخفَّفًا ومشَّددًا، كما في «القاموس».

<<  <   >  >>