(٢) في (ش): تكون (٣) وهذا التقسيم هو الذي رآه ابن الصلاح قال: " وقد رأيتُ تقسيم ما ينفرد به الثقةُ إلى ثلاثة أقسام": أ - زِيَادَةٌ تُخَالِفُ الثِّقَاتِ فِيمَا رَوَوْهُ، فَتُرَدُّ كَمَا سَبَقَ فِي نَوْعِ الشَّاذِّ. ب - مَا لَا مُخَالَفَةَ فِيهِ لِمَا رَوَاهُ الْغَيْرُ أَصْلًا، كَتَفَرُّدِ ثِقَةٍ بِجُمْلَةِ حَدِيثٍ لَا تَعَرُّضَ فِيهِ لِمَا رَوَاهُ الْغَيْرُ بِمُخَالَفَةٍ أَصْلًا، فيُقْبَلُ. قَالَ الْخَطِيبُ: بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ. ج - ما يقعُ بينَ هاتينِ المرتبتينِ، مثلُ زيادةِ لفظةٍ في حديثٍ لَمْ يَذكرْها سائرُ مَنْ رَوَى ذلكَ الحديثَ، وتلك اللفظة توجب قيدا في إطلاق أو تخصيصا لعموم:
مثاله: حديثُ حذيفة: "جُعِلَتْ لَنَا الْأَرْضُ كُلُّهَا مَسْجِدًا، وَجُعِلَتْ تُرْبَتُهَا لَنَا طَهُورًا". رواه مسلم (كِتَابُ الْمَسَاجِدِ وَمَوَاضِعِ الصَّلَاةَ، حديث رقم ١١٦٥) فهذهِ الزيادةُ: "جُعِلَتْ تُرْبَتُهَا لَنَا طَهُورًا " تفَرَّدَ بها أبو مالكٍ سعدُ بنُ طارقٍ الأشجعيُّ، وسائرُ الرواياتِ لَفظُهَا: "وجُعِلَتْ لنا الأرضُ مَسْجِداً وطَهُوراً" رواه البخاري (كتاب التيمم، حديث ٣٣٥) وأخرجه في (كتاب الصلاة، باب جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا، حديث ٤٣٨) ورواه مسلم (كتاب الْمَسَاجِدِ وَمَوَاضِعِ الصَّلَاةَ، حديث رقم ١١٦٣ - ١١٦٧) فهذا وما أشبَهَهُ يُشْبِهُ القسمَ الأوَّلَ؛ مِنْ حيثُ إنَّ ما رواهُ الجماعةُ عامٌّ، وما رواهُ المنفردُ بالزيادةِ مخصوصٌ، وفي ذلكَ مغايرةٌ في الصفةِ ونوعٌ مِنَ المخالفةِ يختَلِفُ بها الحكمُ، ويُشْبِهُ أيضاً القسمَ الثاني؛ مِنْ حيثُ إنَّهُ لا منافاةَ بينَهُما. قال ابن حجر: " والذي يجري على قواعد المحدثين أنهم لا يحكمون عليه -أي: الزيادة- بحكم مستقل من القبول والرد، بل يرجحون بالقرائن"، قلت: وهذا الصواب -والله أعلم-؛ لأنك لا تجد في كلام إمام من الأئمة -كالبخاري مثلا- يكون ثابتاً على رأي واحد مما سبق، بل يتغير بحسب ما يعرض له من حال الراوي والمروي. انظر: "علوم الحديث ص ٨٦" " محاسن الاصطلاح ص ٢٥٥" "النكت ٢/ ١٦٤" "تدريب الراوي ١/ ٢٨٥"