للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

[المبحث الثاني: التعريف بمكانة وأهمية كتابه: "علوم الحديث"]

تقدم طرفٌ من ثناء أهل العلم على كتاب: "علوم الحديث"، وقد أحسن ابن حجر الوصف حين قال: " فاجتمع في كتابه ما تفرق في غيره؛ فلهذا عكف الناس عليه، وساروا بسيره، فلا يحصى كم ناظم له ومختصر، ومستدرك عليه ومقتصر، ومعارض له ومنتصر". (١)

وامتاز هذا الكتاب بعدة مزايا، منها:

١ - امتاز بالاستنباط الدقيق لمذاهب العلماء وقواعدهم من أقوالهم المأثورة عنهم.

٢ - أنه ضبط التعاريف التي سبق بها وحررها، وأوضح تعاريف لم يصرح بها من قبله.

٣ - أنه عقب على أقوال العلماء بتحقيقاته واجتهاداته. (٢)

وسبب هذا الإتقان أنه وضعه وقد تقدمت سنه، واكتمل وقد بلغ أشده في العلم، وراعى في تصنيفه الأناة والتبصر، فأملاه في مجالس كثيرة، فقد جاء في بعض النسخ المخطوطة: "فرغ مصنفه من تصنيفه وإملائه آخر المحرم من سنة أربع وثلاثين وستمائة"، أي: كان عمره سبع وخمسون عاماً؛ قبل وفاته بتسع سنين تقريباً.

ومن الملاحظات حول هذا الكتاب: أنه لم يرتبه على نظام معين؛ فتراه يذكر نوعاً يتعلق بالإسناد مثلاً ثم ينتقل إلى نوع يتعلق بالمتن، أو بهما معاً. (٣)

والسبب في ذلك ما ذكره برهان الدين البقاعي، قال: " قيل: إنَّ ابنَ الصلاحِ أملى كتابه إملاءً، فكتبه في حالِ الإملاء جمع جمّ، فلم يقع مرتَّباً على ما في نفسه، وصارَ إذا ظهر له أنّ غير ما وقعَ له أحسن ترتيباً، يراعي ما كتب منَ النَّسخ، ويحفظ قلوبَ أصحابها، فلا يغيرها، وربّما غابَ بعضُها، فلو غير ترتيبَ غيرِهِ تخالفت النُّسخُ، فتركها". (٤)

لكن العلماء في تآليفهم تابعوه على هذا الترتيب، كما فعل النووي في "التقريب" والعراقي والسيوطي في ألفيتيهما، وغيرهم، لأن الكتاب أصبح القدوة في هذا الفن. (٥)

وهذا بعض ثناء أهل الحديث على هذا المصنَّف:


(١) نزهة النظر ص ١٠
(٢) منهج النقد ص ٦١
(٣) انظر: مقدمة تحقيق د. نور الدين عتر لعلوم الحديث ص ١٨
(٤) النكت الوفية بما في شرح الألفية، لإبراهيم بن عمر البقاعي (ت ٨٨٥ هـ) تحقيق: الدكتور ماهر ياسين الفحل، الرياض، مكتبة الرشد، الطبعة الأولى ١٤٢٨ - ٢٠٠٧، في مجلدين (٢/ ٤٣٦).
(٥) انظر: مقدمة تحقيق د. نور الدين عتر لعلوم الحديث ص ١٨ أيضاً

<<  <   >  >>