للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

النَّوعُ السَّابِعُ والعِشْرُونَ: مَعْرِفَةُ آدابِ المُحَدِّث

٨١١ - وينبغي لطالبِ الحديثِ أنْ ... يُطَهِّرَ القلبَ كتطهيرِ الدَّرَنْ (١)

٨١٢ - ولْيَتَصَدَّ بعد خمسين سنهْ ... وبعضُهم للأربعينَ استحْسَنَهْ

٨١٣ - والحقُ أنْ ليس له أوانُ ... بل حين يُحتاجُ له (٢)؛ إذ (٣) كانوا

٨١٤ - ينتصبون في ابتداءِ العُمْرِ ... كمالكٍ والشافعيِّ فادرِ (٤)

٨١٥ - وليتركِ الإسماع إن خاف الزلل ... لخَرَفٍ أو هَرَمٍ به نزل

٨١٦ - وما له حدٌ إليه ينتهي ... وربما قيل الثمانون به

٨١٧ - يُحَدُّ فهو موطنٌ للخَرَفِ ... أو ما دنا منه وذا لا يختفي

٨١٨ - والحقُ أنَّ وقتهُ لا حدَّ له ... فبعد ذا السّنِ تصدت حَمَلَهْ (٥)


(١) الدَّرَنُ: الوسَخ. "لسان العرب، مادة: درن"
(٢) في (ش): إليه
(٣) في (هـ): إذا
(٤) اخْتُلِفَ في السِّنِّ الذي إذا بلغَهُ اسْتُحِبَّ لهُ التَّصَدِّي لإسْماعِ الحديثِ والانْتِصَابِ لرِوايتِهِ:
فقيل: أنْ يَسْتَوفِيَ الخمسينَ؛ لأنَّها انْتِهاءُ الكُهُولَةِ وفيها مُجْتَمَعُ الأشُدِّ، وهو قول الرامهرمزي.
وقيل: عِندَ اسْتِيْفاءِ الأرْبَعينَ، وذكره الرامهرمزي أيضاً فقال: " وليسَ بِمُنْكَرٍ أنْ يُحَدِّثَ عِندَ اسْتِيْفاءِ الأرْبَعينَ؛ لأنَّها حَدُّ الاسْتواءِ ومُنْتَهى الكَمالِ؛ نُبِّئَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وهوَ ابنُ أربعينَ، وفي الأربعينَ تَتَناهَى عَزِيْمَةُ الإنْسَانِ وقُوَّتُهُ ويَتَوَفَّرُ عَقْلُهُ ويَجُودُ رَأْيُهُ".

وقيل: متى احْتِيجَ إلى ما عِنْدَهُ، اسْتُحِبَّ لهُ التَّصَدِّي لرِوايتِهِ ونَشْرِهِ في أيِّ سِنٍّ كانَ، فقد جَلَسَ مَالِكٌ لِلنَّاسِ ابْن نَيِّفٍ وَعِشْرِينَ، أو ابْنُ سَبْعَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَالنَّاسُ مُتَوَافِرُونَ وَشُيُوخُهُ أَحْيَاءٌ، وَكَذَلِكَ فعل الشَّافِعِيُّ، وهو اختيار القاضي عياض وابن الصلاح.
انظر: "المحدث الفاصل ص ٣٥٢" "الإلماع ص ١٧١ " "علوم الحديث ص ٢٣٦"
(٥) يَنْبَغِي أَنْ يُمْسِكَ عَنِ التَّحْدِيثِ إِذَا خَشِيَ التَّخَلِيطَ بِهَرَمٍ، أَوْ خَرَفٍ أَوْ عَمًى، والنَّاسُ في بُلُوغِ هذا السِّنُّ يَتَفاوتُونَ بحسبِ اخْتِلافِ أحْوَالِهِمْ.
واختار الرامهرمزي أن يمسك عن التحديث ابتداءً من الثمانين، فقال: " أعْجَبُ إليَّ أنْ يُمْسِكَ في الثمانينَ؛ لأنَّهُ حَدُّ الْهَرَمِ؛ فإنْ كانَ عَقْلُهُ ثَابِتاً ورَأْيُهُ مُجْتَمِعاً يَعْرِفُ حديثَهُ ويَقُومُ بهِ وتَحرَّى أنْ يُحَدِّثَ احْتِسَاباً رَجَوْتُ لهُ خَيْراً"
قال ابن الصلاح: "وقدْ حدَّثَ خَلْقٌ بَعْدَ مُجاوزَةِ هذا السِّنِّ فَسَاعَدَهُمُ التَّوْفِيقُ وصَحِبَتْهُمْ السَّلامَةُ، مِنْهُم: أنَسُ بنُ مالِكٍ وسَهْلُ بنُ سَعْدٍ، وعبدُ اللهِ بنُ أبي أوْفَى مِنَ الصحابةِ، ومالِكٌ، واللَّيثُ، وابنُ عُيينةَ، وعليُّ ابنُ الجعْدِ، في عددٍ جَمٍّ مِنَ المتَقَدِّمينَ والمتَأَخِّرينَ.
وفيهم غيرُ واحدٍ حَدَّثُوا بعدَ اسْتِيْفاءِ مئةِ سَنَةٍ، مِنْهُم: الحسَنُ بنُ عَرَفةَ، وأبو القاسمِ البَغَويُّ، وأبو إسحاقَ الْهُجَيْمِيُّ، والقاضي أبو الطَّيِّبِ الطَّبَريُّ".
انظر: "المحدث الفاصل ص ٣٥٤" "علوم الحديث ص ٢٣٨"

<<  <   >  >>