للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومنافاته لأن يكون كلامه صلوات الله وسلامة عليه في أمر الدجال عن وحي من الله تعالى». (١)

فالشيخ رشيد رضا يعتبر أن تردد النبي - صلى الله عليه وسلم - في أول الأمر في مكان الجزيرة التي ذكرها تميم الداري، وتردده - صلى الله عليه وسلم - كذلك في ابن صياد، يثير إشكالا معنويا، بحيث يكون كلامه - صلى الله عليه وسلم - عن الدجال ليس عن وحي من الله.

وفي الحقيقة كان يسع الشيخ رشيد ما وسع أهل العلم وشراح الحديث من قبله، وأن يكتفي بما قاله الأئمة في موضوعي الجساسة وابن صياد.

يقول النووي عن ابن صياد: «قال العلماء»: وظاهر الأحاديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يوح إليه بأنه المسيح الدجال ولا غيره، وإنما أوحي إليه بصفات الدجال، وكان في ابن صياد قرائن محتملة، فلذلك كان النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يقطع بأنه الدجال ولا غيره، ولهذا قال لعمر- رضي الله عنه -: «إن يكن هو فلن تستطيع قتله». (٢)

وقال العلامة الطيبي: «لما تيقن عليه السلام بالوحي، أنه من قبل المشرق نفى الأولين، وظاهر العبارة يدل على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صدق تميماً في أول الأمر ولذلك قال: «ألا إنه في بحر الشام أو بحر اليمن» بالتأكيد بـ «إن» والبدء بأداة الاستفتاح «ألا» ثم كوشف في موقفه بأنه ليس في هذا ولا ذلك بل في جهة المشرق». (٣)


(١) تفسير المنار (٩/ ٤٩٣).
(٢) شرح النووي عن مسلم (١٨/ ٤٦).
(٣) النشر الطيب على شرح الشيخ الطيب يراجع (٢/ ٢٣٥) وما بعدها.

<<  <   >  >>