الثاني عشر: أنه لو صح هذا التأويل، لصح تأويل بقية الأشراط بل سائر السمعيات لأنها متماثلة، فما جاز في بعضها جاز في الجميع، والتفريق تحكم، وحينئذ لا يكفر من أول الملائكة والجن والحشر والنشر والجنة والنار بغير معانيها المعروفة كما فعل الفلاسفة، وكذا لا يكفر البهائية والقاديانية المحرفون للنصوص باسم التأويل، ولا شك أن كفر هؤلاء معلوم قطعا لا يتردد فيه مسلم. (١)
وإذا كان من عذر للأستاذ الإمام وهو قلة بضاعته في الحديث فإنه لا عذر للشيخ رشيد وهو الضليع بهذا العلم. فكنا نظن لأول وهلة أنه لن يتابع شيخه فيما ذهب اليه، حيث علق على كلامه بقوله بأن ظواهر الأحاديث تخالفه، إلا أنه عاد فقال: إنها مروية بالمعني أي إن كل راو روى بحسب ما فهم، وكان الإنصاف أن يقول: إن صرائح الأحاديث تخالفه، لأن الأحاديث في هذا الباب صريحة لا تقبل التأويل.
أما احتمال الرواية بالمعني، الذي أورده الأستاذ رشيد، فكنا نود أن لا يصدر عن مثله، لأنه لا يخطر على بال مسلم فضلا عن أن يكون عالما! وهل يخطر على باله أن واحدا وثلاثين صحابيا، فيهم ستة من حفاظهم المشهورين وهم: أبو هريرة وابن عباس وأنس وجابر وعائشة وأبو سعيد الخدري وفيهم عبدالله بن عمر الذي كان يكتب كل ما سمعه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في جده ومزاحه، وفيهم عبد الله بن مسعود الذي كان إذا روى حديثا شك في حفظه، اغرورقت عيناه، وانتفخت أوداجه، ثم قال: أو مثله أو