للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نحوه أو شبيه به كلهم يتواطأون على رواية الحديث بالمعني من غير أن يبينوا ذلك؟ فأين حفظ حفاظهم؟ وأين كتابة من كان يكتب منهم؟ وأين حرصهم على تأدية اللفظ الذي سمعوه، رجاء حصول النضرة وجزيل الثواب؟ ثم لا يخفى أن نزول عيسى وما يحيط به من الأحداث أمر غيبي، يتوقف على النقل، ولا يدرك بالاستنباط فلا تتأتي روايته بالمعني حسب فهم الراوي، لأنه لا يمكنه أن يدرك باستنباطه أن عيسى ينزل عند المنارة البيضاء شرقي دمشق، ويقتل الدجال بباب لد، ويقاتل الناس على الإسلام، ولا يقبل الجزية إلى آخر ما ذكر من أوصافه، والأحداث الواقعة عند نزوله وبعده، فلولا أنهم سمعوها بصريح العبارة، ما أدركوها بمجرد الإشارة، إلا أن يقال وأخذوا بعضها عن الاسرائيليات، وضموه إلى ما سمعوه من الرسول - صلى الله عليه وسلم -، لكن هذا القول لا يجوز ولا يصح، لأنه ينطوي على اتهام الصحابة بعدم العدالة، أو الغفلة والاختلاط، وذلك باطل، لأن الله عدلهم ورسوله، فهم مبرأون من كل ما يشين - رضي الله عنهم - ثم ما الذي دعاهم إلى رواية هذا الحديث بالمعني؟ أعجزوا عن حفظ ألفاظه؟ مع أنهم حفظوا القرآن وآلاف الأحاديث، أم تركوا فهم المراد إلى ذكاء السامع؟ لكن هذا أمر غيبي نقلي بحت، أم أرادوا تضليلنا عن مراد الرسول؟ وهذ لا يليق بعامي فضلا عمن أثنى عليهم الله ورسوله، ثم إن رواية الحديث بالمعنى على القول بجوازها، لا تدخل في جميع

الأحاديث بل بعضها، وهذا مما لا تتأتى فيه.

والحاصل أن الشيخ رشيدا لم يرشد في إصلاح موقف شيخه، بل زاده

<<  <   >  >>