قال ابن المتوج: هذه البركة مشهورة في مكانها، وقد اتصل وقفها على قاضي القضاة بدر الدين بن جماعة على أنها وقف على الأشراف الأقارب والطالبيين نصفين بينهما بالسوية، النصف على الأقارب والنصف على الطالبيين، وثبت قبله عند قاضي القضاة بدر الدين يوسف السنجاري أن النصف منها وقف على الأشراف الأقارب بالاستفاضة بتاريخ ثاني عشر ربيع الآخر سنة أربعين وستمائة، وثبت قبله عند قاضي القضاة عز الدين عبد العزيز بن عبد السلام بالاستفاضة أيضا أنها وقف على الأشراف، والطالبيين بتاريخ التاسع والعشرين من ربيع الآخر سنة أربعين وستمائة.
وفي سنة إحدى وأربعين وسبعمائة أمر الناصر بن قلاوون بحفر خليج من النيل إلى حائط الرصد ببركة الحبش، وحفر عشر آبار كل بئر أربعون ذراعا، يركب عليها السواقي ليجري الماء منها إلى القناطر التي تحمل الماء إلى القلعة، فشق الخليج من مجرى رباط الآثار، وكان مهما عظيما، وأمر الناصر في هذه السنة بتجديد جامع راشدة، وكان قد تهدم غالبه.
ظافر الحداد في بركة الحبش:
تأملت نهر النيل طولا وخلفه ... من البركة الغناء شكل مقدر
فكان وقد لاحت بشطيه خضرة ... وكانت وفيها الماء باق موفر
غمامة شرب في جواشن خضرة ... أضيف إليها طيلسان مقور
أبو الصلت أمية بن عبد العزيز الأندلسي:
لله يوم ببركة الحبس ... والأفق بين الضياء والغَبَش (١)
والنيل بين الرياح مضطرب ... كصارم في يمين مرتعش
ونحن في روضة منوقة ... دبج بالنور عطفها ووُشي
قد نسجتها يد الغمام لنا ... فنحن من نسجها على فُرُشِ